تم النشر بتاريخ 16 نوفمبر, 2022
بعد الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على موانئ تصدير النفط في كل من محافظتي حضرموت وشبوة شرق اليمن، وعلى مواقع عسكرية ومدنية في مارب ولحج خلال الايام الماضية، فانه يمكن اعتبار ذلك خرقا صريحا للهدنة العسكرية في اليمن، وان الحوثين شرعوا في حرب جديدة تستهدف في المقام الاول الاقتصاد اليمني، لاسيما تصدير النفط للخارج الذي تستفيد منه الحكومة الشرعية.
لم يعد هناك اي وجود الآن للهدنة العسكرية الا من طرف واحد، وهو التحالف والحكومة الشرعية، الذين يرفضون الرد على التصعيد الحوثي الاخير، في صورة تثير الكثير من علامات الاستفهام، وتمنح الحوثي الفرصة المناسبة لاستهداف اية مواقع يريدها سواء اكانت في الشمال او الجنوب، وهو يدرك ان الرد على ذلك لن يكون، واذا ما حدث فانه لن يغير شيء من المعادلة التي يريد فرضها على الواقع.
بعد الهجمات التي استهدفت منشآت النفط في الجنوب، اعلن المجلس الرئاسي المعترف به، تصنيف جماعة الحوثي كجماعة ارهابية، وهذه الخطوة تعتبر مهمة في راي الكثير من المتابعين، لكنها حتى الان ظلت يتيمة ولم تتبعها خطوات اخرى، سياسية واقتصادية وعسكرية، لذا فهي ستفقد تاثيرها مع مرور الايام، خصوصا وان الحوثين لم يعلقوا عليها او يعيروها اية اهتمام يذكر.
اصبحت اليمن كلها بعد ثماني سنوات من الحرب في مرمى الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية، بالاضافة لدولتي التحالف، اللتان تعانيان من نفس الشي، وهو ما دفع المملكة العربية السعودية لاجراء حوارات ثنائية مع الحوثين بدات منذ اشهر، بهدف الخروج باتفاق يجنب منشآتها النفطية اية ضربات حوثية جديدة كما يبدو، لكن مناطق سيطرت الشرعية والانتقالي، ستظل اهدافا سهلة امام الحوثين، مادامت قوة الردع معطلة لديهم، ومادام كل طرف يرتب اموره بعيدا عن الاخر.
العودة الي الهدنة اصبح امرا صعبا الان، فالحوثيون يعيشون حالة انتشاء وغرور غير مسبوق بقوتهم العسكرية وقدرتهم على ضرب الاهداف بدقة متناهية، فضلا عن تراجع الطرف الاخر الذي بات يقدم تنازلات كبيرة جعلته في موضع الضعف الذي اغرى الحوثين كثيرا، وجعلهم يقدمون على خرق الهدنة التي استمرت اشهر، استطاعوا خلالها اعادة بناء ترسانتهم العسكرية والصاروخية وتحشيد الالاف من المقاتلين لبدء فصل جديد من الحرب، وهو ما بات واضحا الان، حيث يبدو انهم اصبحوا المتحكمين بمصيرها، وهذا ما تؤكد عليه هجماتهم الاخيرة، وما يحدث في الجبهات، اذ اصبح الطرف الاخر مجرد مدافع وحائط صد ليس الا.
الذهاب الي حوار الحل النهائي الذي اعلن عنه قبل شهر ونيف تقريبا، وبموجبه شكل المجلس الرئاسي وفده المفاوض، اصبح الان في حكم المنتهي او الميت، بعد خرق الهدنة، وبعد تصنيف الحوثين كجماعة ارهابية، اذ ليس من المنطق ان يعلن المجلس الرئاسي تصنيف الحوثين جماعة ارهابية ثم يطلب الحوار معها، فالارهابيون يفترض ان يواجهون بالقوة العسكرية لاستئصالهم، وليس بالحوار الذي اضنه اصبح في حكم الامر المعقد والمستحيل.
هناك ضغوط خارجية كما يبدو تمارس على الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، تمنعهم من الرد على هجمات الحوثي، ويمكن فهم ذلك في سياق تصريح لقيادي كبير في المجلس الانتقالي قال: على التحالف والخارج ان يطلقوا سراحنا ونحن سنرد على الحوثي وسنهزمه.
وهذا يكشف بكل وضوح ان هناك قيود خارجية مفروضه على السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي، تمنعهم من التحرك والرد على هجمات الحوثي المتكررة على منشآت النفط، جعلت من الحوثي يسرح ويمرح، ويملي شروطه على الجميع، التي يبدو ان التحالف سيستجيب للكثير منها، دون مقابل حقيقي ومهم لليمن وشعبه، العالقان في الحرب وانعكاساتها المدمرة منذ ثماني سنوات خلت.
مادة خاصة بمركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع