تم النشر بتاريخ 15 نوفمبر, 2022
في واقع جنوبي مختلف ومتسارع، يبدا المجلس الاعلى للحراك الثوري، مرحلة جديدة تطوي سنوات من السبات الطويل والعمل في الظل، باعلان تغييرات حاسمة وقوية، اسفرت عن اقالة رئيس المجلس فؤاد مفتاح راشد بموافقة ومباركة قيادات المجلس وقواعده الجماهيرية، وتكليف الشاب المتقد عبدالرؤوف زين السقاف لقيادة المجلس في ظروف استثنائية بات فيها الجنوب في مسيس الحاجة للتعدد والعمل السياسي المنظم، كما تم اجراء تغييرات عديدة في هيئات المجلس المختلفة، حظي الشباب بالنصيب الاكبر منها.
اذن المجلس الاعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب يدلف الي حياة جديدة اكثر دينميكية يتوقع ان تسري في عروقه الدماء الحارة من جديد، ليضع جماهيره وقواعده امام استحقاقات وطنية جديدة عنوانها التوافق مع المكونات الجنوبية الاخرى، وعلى راسها المجلس الانتقالي الجنوبي.
تجميد الحوار
يمكن قراءة الاسباب التي ادت الي هذه التغييرات داخل المجلس من خلال لقاءاته واجتماعاته التي عقدها خلال الايام الماضية والتي تكللت اليوم الثلاثاء بالمؤتمر العام الاستثنائي المنعقد في العاصمة عدن، بان قضية الحوار الجنوبي الجنوبي كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، وادت الي الاطاحة بالرئيس السابق فؤاد راشد الذي سمح لنفسه بمنع المجلس من المشاركة في الحوار الجنوبي، الذي دعا اليه المجلس الانتقالي، خلافا لمواقف قيادات المجلس وقواعده الذين يعتبرون الحوار مناسبة وطنية مهمة لتجذير التوافقات الجنوبية، وخلق مساحات من التقارب على قاعدة القواسم المشتركة، خصوصا في المرحلة الراهنة، لاسيما وان الهدف الكبير لجميع الاطر والمكونات الجنوبية يعد واحدا ومتفق عليه، وهو العمل على استعادة دولة الجنوب المستقلة.
اصدر المجلس الثوري قرارا بالاغلبية بالمشاركة في الحوار الجنوبي وابطال القرار الفردي للرئيس المعزول الرافض للحوار، اضافة الي جملة اسباب وخروقات تنظيمية عددها البيان الصادر اليوم كانت سببا كافيا كما يبدو للاطاحة براشد من رئاسة المجلس، واعلان قيادة جديدة.
امال وتحديات
يعلق انصار المجلس الاعلى للحراك الثوري امالا كبيرة على قيادته الجديدة برئاسة عبدالرؤوف السقاف، في انتشال المجلس من حالة الركود والتقوقع والانفصال عن القواعد والجماهير، الي وضع افضل يمكنه من تعزيز الحضور والتماسك في اوساط الناس، واعاده لملمة انصاره وقواعده في العاصمة عدن والمحافظات الجنوبية الاخرى، والعمل على ان يكون لاعبا سياسيا مؤثرا في الساحة الجنوبية، يتبنى تطلعات الجماهير، ويحقق التوازن السياسي، ويثري الحياة السياسية بالتعدد، والمواقف الرامية الي تحويل الحرية والديمقراطية والحوار والثبات على المبادئ الي مسلمات اساسية في واقع الجنوب في الحاضر والمستقبل المنشود.
ورغم الامال العراض تكمن التحديات الكثيرة ايضا، لكن بداية المجلس الجديدة تبدو مبشرة لتجاوز تلك التحديات، وفتح الافق للعمل على مستوى الداخل والخارج بما يحقق الاهداف المشتركة والموحدة للشعب الجنوبي التواق للحرية والانعتاق.
الشباب والمستقبل
يعتبر رئيس المجلس الثوري الجديد عبدالرؤوف السقاف، من الشباب الذين كان لهم دورا كبيرا في ثورة الحراك السلمي، اذ انخرط فيها منذ بدايتها الاولى الصعبة، التي انطوت على المغامرة والتضحية في مواجهة نظام مستبد استخدم كل وسائل العنف لاجهاظ الثورة السلمية، التي قدمت التضحيات الكبار من خيرة الشباب الجنوبي، بين شهيد وجريح حتى وصلت اليوم الي مرحلة تحققت فيها انتصارات عديدة، ومكاسب كبيرة للجنوب وشعبه.
والي جانب الرئيس السقاف هناك شباب كثيرون في قيادة المجلس وهيئاته المختلفة، كان لهم دورا مشهودا ايضا في الثورة الجنوبية، يجعلهم الان امام مسؤوليات كبيرة لترجمة تطلعات الجماهير الي نتائج ومواقف، تساهم في انتشال الجنوب من الوضع الصعب الذي يعيشه اقتصاديا واجتماعيا الي وضع افضل، من خلال العمل المدني والسياسي الذي يرسي قواعد للتقارب مع جميع الفاعلين في الساحة، وحشد وتعبئة الجماهير للخلاص، وتحقيق الامال المنشودة، وجعل المستقبل اكثر امانا واشراقا واستقرارا على مختلف الاصعدة.
مرحلة جديدة اذن امام فاعل سياسي جنوبي مهم، عليه ان يحمل اهات وتطلعات الناس معه الي كل المحافل الداخلية والخارجية، اذا ما اراد ان ينجح في الحاضر، ويضمن فاعليته وتأثيره في المستقبل.
باسم فضل الشعبي
صحفي وكاتب ومحلل سياسي
مادة خاصة بمركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع