العالم يترقب.. ولا غالب لأمر الله بعد اليوم

تم النشر بتاريخ 11 أكتوبر, 2025

باسم فضل الشعبي

“فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا”

هذه الآية الكريمة (122–123) من سورة طه تختصر الموضوع كله من بدايته إلى نهايته، وهو أن من اتبع الهدى الآتي من الله عبر الوحي لن يضل ولن يشقى، ومن أعرض عن ذكر الله أو عن هذا الهدى يعيش عيشةً ضنكًا، حياةً مليئة بالضنك والمعاناة والمتاعب، كمثل الحياة التي تعيشها الكثير من الشعوب أو الناس في عدد من الدول العربية والإسلامية وغيرها.

وهذا – كما أفهم من سياق الآية – أن هدى الله لا يتوقف، وإنما هو مستمر باستمرار الحياة، ومتجدد كلما دعت الحاجة لذلك، والتجديد والاستمرار لا يكونان إلا عبر الرسالات وإرسال الرسل كما كان يحدث في الماضي.
أما الدين فهو واحد عند الله “الإسلام” من يوم خلق الله آدم أبي البشر عليه السلام وحتى اليوم وفي المستقبل.

فالمتغير هنا ليس دين الله الذي ارتضاه للناس من قبل ومن بعد، وإنما هو الهدى والهدي المتجدد الذي يكسر الجمود والقديم ويقتلع الباطل الذي يصر بعض الناس على التمسك والتعلق به دون فهم واستيعاب لحركة الحياة وتطورها، والتي تحتاج في كل زمان ومكان إلى محرّك وناظم حقيقي وحضاري لإيقاعها وقوانينها يتمثل في الدين.
ويحتاج الدين كي يواكب كل ذلك ولكي يتحرر من قيود وأغلال المستبدين والجهلة إلى الهدى من الله عبر الوحي في صورة رسالة ورسول صادق وأمين وصبور وقوي.

وهذا الأمر – رغم وجوده وإيماننا به وبحدوثه – إلا أن الكثير من الأنظمة والحركات والأحزاب في منطقتنا وغيرها تجحد ذلك وتنكره وتحاول مقاومته ومنعه من التحقق، لسبب وحيد وبسيط وهو عدم استعدادهم لمغادرة الماضي والذهاب إلى المستقبل الذي يريده الله للبشرية كلها على وجه الأرض.

ومع يقيننا التام أن الكثير من الدول حول العالم تدرك تمامًا أن هناك رسالة جديدة من الله فيها هداية وخلاص للبشرية كلها، بل إن الكثير من هذه الدول والحكومات والشعوب مؤمنون بذلك الهدى والوحي منذ زمن طويل ويطبّقون منه ما ينفعهم في حياتهم وفي حركة التطور وإعمار الأرض بهدوء وسلام إلى حين يحين الظهور والخروج العظيم، نجد بعض العرب والمسلمين ينكرون ذلك ويكفرون به ويحاولون بشتى الوسائل منع ظهوره وخروجه للناس، وذلك بسبب غرقهم في الماضي وتمسكهم به حد الغباء والجهل، ولأنهم مستفيدون منه في التكسب غير المشروع واستمرار استخدام الدين لتحقيق رغبة الحكام والملوك في الاستبداد والظلم ونهب خيرات الأمة.

إنهم في الواقع يعملون منذ سنوات على شيطنة الرسالة وصاحب الرسالة باستخدام الأعمال الشيطانية، خوفًا على مصالحهم غير المشروعة ومن أجل نشر الظلم والباطل والفساد والشر في الأرض لإحباط الناس وقهرهم في محاولة السيطرة عليهم ، ومحاولة حبس الوحي وتزييفه لاستمرار ممارسة الخداع والتضليل، للسيطرة الوهمية على الأمور وحرف مسار حركة حياة البشرية من طريق الله والهدى والحق والنور والخلاص والسعادة والجنة الموعودة والحياة الأبدية، إلى طريق الشيطان والضلال والفساد والظلام والانسداد والحروب والصراعات والموت والفناء.

إن هذه القوى الشيطانية التي تتدثر بلبوس وألوان مختلفة، منها إسلامية ومدنية وعلمانية ومسيحية ويهودية وغيرها، إنما تشكل كتلة شيطانية واحدة رغم اختلاف أدوارها ، ولكن هدفها الأول هو محاربة الحق والرسالة والرسول، ومحاربة الله انتصارًا للشيطان ومشروعه، الذي يريدون من خلاله السيطرة على العالم شعوبًا وأنظمةً وحكومات. ولكن هيهات أن يتحقق لهم ذلك، وإن توهّموا أو أوهموا الجهلة بذلك، فالكثير من الحكام والأنظمة والأحزاب والجماعات والشخصيات العاملة ضمن هذا المشروع الشيطاني أصبحت مكشوفة ومعروفة ومرصودة من السماء والأرض، ويبدو أن الله قد بدأ منذ فترة حربه عليهم بعد أن خدعهم لسنوات بوهم السيطرة والنصر المزعوم.

قال تعالى:

“يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ.”

هذه الآية الكريمة في كتاب الله العظيم، التي تحاول القوى الشيطانية إنكارها وتزييف تفسيرها وجعلها من الماضي، تؤكد أنها تدل على الاستمرارية في الحاضر والمستقبل المشرق، فنور الله مهما حاولوا حجبه بالكذب والتضليل سوف يتمّه الله، والرسول الذي يحمل الهدى والدين الحق سوف يظهره الله على قوى الظلام و على كل أديان القوى الشيطانية المزيفة في الأرض ولو كره المشركون والجهلة والواهمون.
وهناك الكثير من البشارات والعلامات الصغرى والكبرى قد تحققت في أكثر من مكان في الأرض والكون.

والعالم المتحضر والواعي والمؤمن برسالة آخر الزمان يراقب اليوم ويتابع بصورة مكثفة كل صغيرة وكبيرة، وعن كثب وباهتمام بالغ، ويترقب وعد الله بميلاد يوم الخلاص المشهود، وظهور المخلّص الهادي العظيم.
ولن يُسمح بعد اليوم لقوى الظلام والشر بالاستمرار في أذاها وكذبها وتضليلها المفضوح والمكشوف، ولن تفلت هذه القوى القذرة من العقاب جراء ما تسببت به من أذى للرسالة وصاحبها، وما أحدثته من فتنة وظلم وشر بالناس كافة.

قال تعالى:

“وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا.”

“وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ.”

صدق الله العلي العظيم.
والله على ما نقول شهيد.

Left Menu Icon
الرئيسية