هل نحن بحاجة إلى نظام جديد يوازن بين الحرية والقانون؟

تم النشر بتاريخ 23 سبتمبر, 2025

باسم فضل الشعبي

الاستبداد يجعلك تخاف الحاكم أكثر من الله، والحرية تجعلك تخاف الله أكثر من الحاكم. الاستبداد نظام يفرضه الطغيان البشري، والحرية نظام كوني من الله محكوم بالفطرة السليمة. كثير من شعوب المنطقة واقعة تحت أنظمة حكم استبدادية مختلفة وتشعر أنها مكبَّلة ومقيَّدة وتريد الحرية، ولكن نظام الحرية المثالي الذي يمكن أن تُستلهم منه تجارب جديدة ما يزال غير موجود. بمعنى أن نظام الحرية في الغرب وكثير من الدول الديمقراطية ما يزال تعتوره ثغرات وسلبيات كبيرة وليس مكتملًا، وبعض الدول العربية الديمقراطية تحوّلت فيها الحرية إلى حالة من الفوضى غير محكومة بنظام فوقي ولا قانون وضعي، وهي بحاجة إلى تصحيح وإصلاحات عميقة.

عبادة الله والخوف منه واتباع أوامره ونواهيه حق طبيعي ومشروع للناس كافة، ليس فيه إكراه، وهو منتهى الحرية المستمدّة من الفطرة السليمة التي تكره وترفض الأغلال والقيود، وتحرّرك من عبادة الأوثان والطواغيت. وأي قانون وضعي تضعه الدولة أو الحكومة في هذا السياق، وضمن مفهوم الحرية المشار إليه آنفًا، لتنظيم العمل والإدارة والعلاقات وتصريف شؤون الناس، هو نتاج بشري لا غنى عنه، يشكّل حالة من التكامل والإبداع في ضبط إيقاع الحياة وتحقيق العدالة والتوازن بعيدًا عن الطغيان والظلم والخوف والإرهاب.

أما الاستبداد، فهو عدو الحرية الأول، وأنظمته وقوانينه مستمدّة من داخل الحاكم الفرد المستبد ومن أهواء حاشيته المقرّبة، التي تصنع بدل الحرية الخوف والإرهاب في أوساط الشعوب. وإن قدّمت لها بعض الحقوق المادية أو المميزات الحياتية، لكن هذا لا يعوّض الإنسان فقدان الحرية الداخلية الإيجابية التي تحترم آدميته وتصون كرامته.

العالم يعيش حالة من الصراع والقلق لأنه فقد حالة التوازن بين ثنائية الحرية والاستبداد: إمّا حرية مطلقة تنتج السفور والفوضى بصور وأشكال مختلفة، وإمّا استبداد مطلق ينتج الكبت والخوف والظلم والاحتقار. وهذا ما يجعلنا اليوم في مسيس الحاجة إلى نظام جديد قائم على التوازن بين الحرية والقانون، مستمد شرعيته من قول الله تعالى: “ولقد كرّمنا بني آدم”، بحيث لا تطغى الحرية على القانون فتحدث الفوضى والانحلال، ولا يطغى القانون على الحرية فينتج الاستبداد والظلم. وهذا لن نصل إليه إلا بالعودة إلى الله والعمل معه.

Left Menu Icon
الرئيسية