أوزبكستان الجديدة نهضة وطنية وانفتاح عالمي في الذكرى الرابعة والثلاثين للاستقلال

تم النشر بتاريخ 6 سبتمبر, 2025

عبد الحميد حميد الكبي

في الذكرى الرابعة والثلاثين لاستقلال أوزبكستان، يحتفل الشعب الأوزبكي بمسيرة حافلة بالإنجازات، حيث تتألق “أوزبكستان الجديدة” كمنارة للتقدم والتطور في قلب آسيا الوسطى. منذ فجر استقلالها في الأول من سبتمبر 1991، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، رسخت أوزبكستان أسس دولة وطنية قوية، مؤكدة على سيادتها وسلامة أراضيها. اليوم، وفي ظل تحديات عالمية معقدة، تبرز أوزبكستان كنموذج للإصلاحات الشاملة والانفتاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، معززة علاقاتها مع الجيران والدول الكبرى، بما في ذلك الدول العربية ودول الخليج العربي، فضلاً عن فتح آفاق جديدة مع القارة الأفريقية.
في الأول من سبتمبر 1991، أعلنت أوزبكستان استقلالها، مُنهية عقوداً من الهيمنة السوفيتية. هذا الحدث التاريخي شكّل نقطة انطلاق لبناء دولة وطنية ترتكز على سيادة القانون، حماية حقوق الإنسان، وتعزيز التسامح بين قومياتها المتنوعة. منذ ذلك الحين، عملت أوزبكستان على ترسيخ أسس الاستقرار السياسي والاجتماعي، مما مهد الطريق لتحقيق إصلاحات شاملة عززت مكانتها كدولة ذات سيادة وتأثير إقليمي.
في ظل رؤية “أوزبكستان الجديدة”، شهد الاقتصاد نمواً غير مسبوق، حيث تجاوز الناتج المحلي الإجمالي 110 مليار دولار لأول مرة في تاريخ البلاد. هذا الإنجاز جاء مدعوماً ببرامج طموحة للتحول نحو اقتصاد أخضر وابتكاري، مع التركيز على تطوير مصادر الطاقة البديلة. في النصف الأول من 2025، سجل الاقتصاد نمواً متوقعاً بنسبة 6.7-6.8%، مدفوعاً بتحسينات في الإنتاج الصناعي (6.3%)، الخدمات السوقية (13.5%)، الزراعة (4%)، وأعمال البناء (9.7%). كما ارتفعت صادرات الفواكه والخضروات بنسبة 140% إلى 243 مليون دولار، والصناعات التحويلية والمجوهرات إلى 170 مليون دولار، والخدمات المعلوماتية إلى 219 مليون دولار بنمو 193%. هذه الأرقام تعكس فعالية السياسات الاقتصادية، بما في ذلك تبسيط إجراءات التصدير ودعم المصنعين المحليين، مما فتح أسواقاً جديدة للمنتجات الأوزبكية.
حيث تبنت أوزبكستان إصلاحات ديمقراطية طموحة، عززت من خلالها سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان وحرياته. هذه الإصلاحات شملت تعزيز الحريات المدنية، تحسين بيئة الأعمال، وتشجيع الحوار المجتمعي بين مختلف القوميات. كما ساهمت في تعزيز أجواء السلام والتسامح، مما جعل أوزبكستان نموذجاً للتعايش السلمي في منطقة تتسم بالتنوع الثقافي. هذا الانفتاح الاجتماعي عزز من مكانة أوزبكستان كدولة جاذبة للاستثمارات والسياحة.
وفي ظل التوترات الجيوسياسية العالمية، تتبع أوزبكستان سياسة خارجية عملية ومرنة، تعزز مكانتها كفاعل متساوٍ في العلاقات الدولية. عززت البلاد علاقاتها مع الجيران في آسيا الوسطى، مثل كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، بناءً على مبادئ الصداقة وحسن الجوار. كما شهدت العلاقات مع الدول الكبرى، مثل روسيا، الصين، الولايات المتحدة، ألمانيا، فرنسا، المملكة المتحدة، وتركيا، تطوراً ملحوظاً. على الصعيد الإقليمي، استضافت سمرقند أول قمة “آسيا الوسطى – الاتحاد الأوروبي”، مما عزز التعاون مع الاتحاد الأوروبي، الذي يُعد أكبر سوق تصدير عالمي بإجمالي ناتج محلي يتجاوز 19 تريليون يورو. بلغ حجم التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي 6.4 مليار دولار في 2024، بزيادة 5.2% عن العام السابق، مع استثمارات أوروبية تصل إلى 30 مليار يورو.
كذلك في في إطار سياستها المنفتحة عززت أوزبكستان علاقاتها مع الدول العربية، خاصة دول الخليج العربي. شهدت العلاقات مع المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، وقطر تقدماً كبيراً، مع التركيز على التعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة، السياحة، والاستثمار. على سبيل المثال، أبرمت أوزبكستان اتفاقيات استثمارية مع شركات خليجية لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية. كما بدأت أوزبكستان فتح آفاق جديدة مع الدول الأفريقية، حيث تسعى لتعزيز التبادل التجاري والثقافي مع دول مثل نيجيريا، كينيا، وجنوب أفريقيا، مستفيدة من موقعها الاستراتيجي كجسر بين آسيا وأفريقيا.
تلتزم أوزبكستان بتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات مثل الإرهاب والتغيرات المناخية. من خلال العمل مع الأمم المتحدة، منظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة الدول المستقلة، ساهمت أوزبكستان في تعزيز الأمن الإقليمي والعالمي. وفي خطوة رمزية، منح رئيس أوزبكستان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وسام “الصداقة الرفيع المستوى”، تقديراً لدوره في تعزيز التضامن العالمي ودعم التعاون مع أوزبكستان.
تتطلع أوزبكستان إلى مستقبل يعزز رفاهية شعبها ويرسخ مكانتها كدولة متقدمة اقتصادياً وسياسياً. مع استمرار الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وتوسيع الشراكات الدولية، تسعى أوزبكستان لتحقيق نمو مستدام يضمن حياة كريمة لمواطنيها. كل هذه الجهود تتجسد في شعار “كل شيء من أجل الوطن، ولأجل الأمة، وباسم الشعب”، مما يعكس التزام الدولة بمستقبل مزدهر.
في ذكرى استقلالها الرابعة والثلاثين، تقف أوزبكستان شامخة كرمز للتقدم والانفتاح. من خلال إصلاحاتها الشاملة، وعلاقاتها الدولية المتنامية، وطموحها الاقتصادي، تواصل أوزبكستان الجديدة بناء مستقبل يجمع بين التراث العريق والطموح الحديث، لتكون نموذجاً يُحتذى به في المنطقة والعالم.

Left Menu Icon
الرئيسية