تيار التصحيح والرقابة الشعبية ..وعي جديد ومهم يتشكل في الشارع اليمني

تم النشر بتاريخ 31 أغسطس, 2025

حمدي ثابت

اليمن اليوم لا يحتاج فقط إلى قرارات رسمية أو إجراءات حكومية، بل يحتاج إلى عين يقظة من داخله، عين المجتمع نفسه. فقد أثبتت التجربة أن الرقابة الرسمية، مهما كانت نواياها، تظل محدودة، مخترقة بالقصور والتهاون، وأحيانًا بالتواطؤ. ولأن الفساد يتنفس حيث يغيب الرقيب، كان لزامًا على المجتمع أن ينهض بدوره، وأن يمارس رقابته الشعبية على الأسواق والخدمات والمؤسسات.

خطوات مثل مبادرة الأخ باسم الشعبي وتيار البناء والتصحيح تمثل نموذجًا مهمًا لوعي جديد يتشكل في الشارع اليمني. فهذه المبادرات ليست مجرد أصوات احتجاجية، بل لجان مجتمعية منظمة تتحرك من داخل المدن الرئيسية لمتابعة الأسعار، مراقبة أداء السلطات، وكشف الفساد حيثما وُجد. إنها بمثابة شبكة أمان إضافية، تسند العمل الرسمي وتضغط عليه للقيام بواجباته.

إن الرقابة الشعبية ليست خصومة مع الدولة، بل شراكة ذكية تكمل عجزها وتسُد فراغاتها. ففي بلد يعيش حربًا طويلة، وانقسامات سياسية، ومؤسسات هشة، لا يمكن أن يُترك المواطن فريسة للفوضى الاقتصادية والفساد الإداري. الحل أن يشارك المجتمع بنفسه، عبر لجان محلية شفافة وعلنية، تتواصل مع الإعلام، وتفرض حضورها في الأسواق، وتبني جسورًا مع الجهات الرسمية بدل أن تبقى في موقع المتفرج.

لقد حان الوقت لأن نفهم أن الرقابة ليست حكرًا على أجهزة الدولة، بل هي حق أصيل للمجتمع. وإذا أرادت السلطات أن تنجح في معركة الاستقرار الاقتصادي والسياسي، فعليها أن تنسق مع هذه اللجان الشعبية في كل المحافظات، وأن تمنحها الغطاء القانوني والدعم المعنوي. وحدها الرقابة المزدوجة، الرسمية والشعبية، قادرة على لجم الفساد، وضبط الأسعار، ومنح المواطن شيئًا من الطمأنينة وسط هذا الخراب.

إن على المجتمع أن يعيد تشكيل نفسه، ويدافع عن حقوقه وقضاياه ومعيشته، عبر مبادرات شعبية ولجان مجتمعية تكمل عجز الدولة وتسُد فراغاتها. فالمعركة اليوم هي معركة وعي ورقابة وكرامة، ولا تُخاض إلا بتكاتف الناس لحماية معيشتهم ومصالحهم.

Left Menu Icon
الرئيسية