تم النشر بتاريخ 23 أغسطس, 2025
بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي.
لم تسألوا بعد لماذا سلط الله عليكم جماعة الحوثي وعلى مراكز القوى القبلية والحزبية الأخرى, وأثخن فيكم وشىردكم دون عبرة منكم ولا حياء أو خوف من الله.
مجرد ظهوركم المصطنع هنا وهناك مؤخراً بغير مناسبة ولا منطق في مأرب والقاهرة والترويج لللشطحات عبر قنوات الفتن الفضائية ووسائل التواصل تسبب في بلبلة وفوضى وتوجس قبل تحقيق ما في أذهانكم من تمنيات.
فكيف لو جاءوا بكم على ظهر دبابة أو مدرعة أجنبية أو حتى تصالحتم مع القتلة الآخرين في الصراع على السلطة, أولاد الأحمر وقيادات حزب الإصلاح, وعلى جثث الضحايا وأموال الشعب المنهوبة إلى اليوم.!!
هو استفتاء على أنكم لم تستوعبوا الدرس ولم ولن تستفيدوا أو تعقلوها.
حتى ما يقال عن تصالح عيال الأحمر وعيال الصالح يشبه تحسن قيمة صرف الريال في مناطق الشرعية(بقرار خارجي) لا رغبة وإرادة ذاتية أو توبة من جرائم الماضي.
ولا ضمانة لتهديدكم استقرار اليمن إلا بمحاكمة كل من تسببوا بالكارثة أو بقائهم في المنفى كما كانت أسرة آل حميد الدين !!.
سارق ومبهرر
وعندما يقول بعض الناس البسطاء إن المعيشة كانت أفضل أيام علي عبدالله صالح تتوهمون رهان الناس على عودتكم لإنقاذهم بأسرع وقت.
ولا يعلمون أن خزائن الذهب والأموال التي نقلها عبدالملك الحوثي وخبرته إلى صعدة من مخازن وأقبية مدينة حدة من ثروات الشعب عشية 4 ديسمبر 2017م والمنهوبات والأملاك الأخرى في البنوك السويسرية وفرنسا وألمانيا لأحمد وخالد علي وغيرهم تسببت بإفقاره مع ما اقترفه متسلقوا حركة 11 فبراير الحزبيين من جرائم المال العام لاحقاً.
لا يعني أن المفسدين في حكومة سلطة الشرعية أسوأ بأنكم الأفضل كونهم أضافوا فقط فوق ما تعلموه منكم من تراث الفساد المجيد.
وعلى الرغم أن أولاد الأحمر وقيادة حزب الإصلاح تسببوا بسقوط عمران ثم صنعاء إلا أنهم صمدوا في الدفاع نسبياً بمواجهة الحوثيين أكثر من عام, وتناوبوا في قيادة المعارك.
أما أنتم فقاتلتم (من وراء حجاب) بدماء وأرواح أبناء الآخرين, وخذلتم الزعيم الذي تتسولون الآن العودة إلى السلطة بإسمه كتركة عائلية.
نجت صنعاء يومها من شؤم(من طاقة إلى طاقة) بعد أن توقع الأهالي الأسوأ وأغلقوا نوافذهم التي لا يدخلها الأوكسجين بسهولة.
لا يعني رفض الناس لقبضة الحوثي الغاشمة جهلهم بمن أسلم رقابهم لعبدالملك وتحالف معه قبل ذلك بالمجان.
لا تبرر محبة بعض الناس البسطاء للرئيس علي عبدالله صالح أحقيتكم بإرث بقايا شعبيته, فقد أفضى إلى خالقه, وله ما له وعليه ما اكتسب.
وكنتم سبب نكبته ونقمة الغالبية عليه وعليكم إلى اليوم, ولن تصيروا إلا إلى أسوأ مما كنتم.
فلستم أهلاً لما هو أكبر من قدراتكم القيادية الضحلة المعروفة بين الناس.
ولا تصدقوا من ينتظرون منكم فتات الموائد, لإن (اللي ما تنفعش أمها ما تنفع خالتها).
ألمحاكمات قبل الصناديق
لا تنطبق أوهام(حق الترشح عبر صناديق الإنتخابات) مع ذوي ملفات مثخنة بأحكام وإدانات
دولية موثقة ومعززة بنهب المال العام وقتل الأبرياء والفساد والإفساد في الأرض( والله لا يحب الفساد).
ولا أمانة أو عهد لمن خانها, ولا ثقة بمن سلم السلاح والرجال والأموال والمقدرات للحوثي ويستخف بالناس اليوم لإعادته إلى السلطة على جثث الأغبياء والمغفلين ??
بطل بلا بطولة
سواء قاتل مدين علي عبدالله صالح حسب مزاعمه أو ابن عمه طارق وغيرهم أو لم يقاتلوا فالدفاع عن النفس ليست بطولة, حتى الحيوانات تنشب مخالبها وأنيابها في الخصم ساعة المداهمة.
أما تحويل النجاة بالنفس إلى أسطورة وتسويق مشروع بطل قادم فدغدغة تحتقر عقول وإرادة اليمنيين وتراهن على بؤسهم لا على كرامتهم لتتويج رؤوس الفتن على أشلاء الجائعين.
من يناهض أو حتى يقاتل الحوثي فقط لإعادة أسرة وأقارب الرئيس علي عبدالله صالح إلى السلطة والحكم باع نفسه لمن لا يستحق, لإن تمكين مشروع توريث عائلة صالح والأحمر يعني استمرار مسلسل الصراع على السلطة إلى يوم الدين.
سوف يمنح ذلك شرعية مجانية لاستمرار مشروع الحكم الوراثي لبيت الحوثي وتشبثهم بالحكم بالنار والحديد, ليقترب أكثر فتيل من زغط إلى زغط(زنقة, زنقة) نحو بيوت الفقراء.. حين تتسكعون أنتم من قصر إلى قصر بانتظار وليمة دم قادم.
فما لا يحل أو يجوز لغيركم لا يحل لكم, والناس ليسوا بلا ذاكرة أو كرامة, وكيف قادت الشطارة الزائدة الزعيم من قبلكم إلى مفرق سنحان في بطانية حمراء يطالب أصحابها بقيمتها إلى اليوم.
فإما أن تتركوا المؤتمر الشعبي العام وشأنه كتنظيم من الشعب وإلى الشعب مع قيادات الداخل الوطنية والمخلصين أو تلفونه معكم ببطانية أخرى بدل العلم الجمهوري.
من يزعم أن هؤلاء يمثلون الثورة والجمهورية فثورة 26سبتمبر قامت ضد التوريث والكهنوت, والنظام الجمهوري نشأ ضد التمييز الإجتماعي والقهر الطبقي والإستيلاء على المال العام ونهب ثروات الشعب, وكذلك فعلت الثورة المصرية الأم.
فالجمهورية قيم أخلاقية وسلوكية في ممارسات وتطبيق الرجال وليست شعارات على أفواه اللصوص وقطاع الطرق.
فأنتم مجمهرين لا جمهوريين.
ولو كان علي عبدالله صالح جمهورياً لقبل مبدأ التداول السلمي للسلطة منذ نصف قرن قبل أن يولد عبدالملك الحوثي في مران, وما وصلت البلد إلى حافة الكارثة بسبب صراعه وتشبثه المستميت مع حلفائه الشياطين الآخرين آل الأحمر, وعلي محسن وإخوان اليمن على البقاء في الحكم بأي ثمن.
للقبيلة والعقلاء فقط
وللعقلاء فقط أنبه فمسلسل الصراع على السلطة سيكون أسوأ من ما نتصوره أو حدث أكثر من عشر سنوات حال فرض أبناء وأقارب الرئيس صالح أو أولاد الأحمر وقيادات حزب الإصلاح على إرادة الشعب ومصلحة الوطن ومستقبل اليمن.
قد يراهن البعض على اصطفاف القبيلة في مواجهة الآخر أو في استعراض واختبار بعض الأطراف شعبيته أو استعادة هيبة مفقودة, لكن أفضل ما نتج عن الصراع السابق منذ فبراير 2011م هو تفكك مراكز القوى المسلحة القبلية-العسكرية التاريخية وإضعافها في المناطق الشمالية على يد الحوثي(صاحب القوة بلا عقل) ألذي قرأ الجزء الأول فقط من كتاب(كيف تتعلم الطيران في يومين) فصعد ولم يهبط.
وكما قال الفقيد/ أو ألشهيد حسن زيد رحمه الله لأحد مراسلي الصحف الغربية الشهيرة ما مضمونه: ألحوثيون دخلوا صنعاء للثأر فقط ولا يعرفون ما الذي يريدونه بالضبط)).
إعتقد صالح إنه ورطهم لإبعاد شبهات الإنقلاب عنه ووضعهم في الواجهة لتحاشي العقوبات الدولية فكان ضحية حركات صالح مع الحوثة لاحقاً المؤتمريون قبل غيرهم.
ما يخطط له الآن هو إعادة إحياء وتقوية مراكز قوى همجية قديمة معادية للحياة والعدالة والإنسان بمسميات جديدة مهددة لمستقبل اليمن مثلها مثل مشروع الحوثي الذي يقوم على الغلبة والتمييز الإجتماعي العنصري والطبقي وتوظيف القبيلة(ضربها ببعضها) لديمومته.
يقر عبدالملك الحوثي والمقربون منه بمنهج ونظرية حكمهم العائلية الوراثية(جمهورية البطنين) من نسل علي أو فاطمة ويجاهرون بها, بينما الطامحون للعودة من المنتجعات السياحية وقصور النقاهة الخارجية إلى السلطة من أسرة وأقارب الرئيس صالح وبيت الأحمر وقيادات حزب الإصلاح ملكيون عنصريون بالممارسة والتجربة مثل غيرهم طوال 14 عاماً وقبلها, وبشعارات جمهورية مراوغة لتضليل البسطاء.
لا يفرق البعض بين مشروع إسقاط سيطرة الحوثي من الداخل وبين إشعال حرب أهلية-قبلية لا تبقي ولا تذر.
لم يكن القبيلي غالباً أكثر من بندق فشنج للإيجار وقد خبر ذلك المراهنون عليه( في النهار جمهوري وفي الليل ملكي والعكس).
وتصوير فرقعات الثأر هنا وهناك في معاقل الحوثي كلحظة انقضاض مواتية لم يستوعب أصحابها الدرس منذ رفعوا في عمران صور فيصل بن شملان المزركشة ومنحوا أصواتهم لعلي عبدالله صالح في انتخابات الرئاسة 2006م.
ومنذ تركوا أيضاً عائلة الأحمر لمصيرها أواخر 2013م حتى 14 يوليو 2014م عشية سقوط عمران وصنعاء بعدها.
وكذلك توارت قبائل الطلقة الأولى وانفضت من حول الزعيم صالح.
لم ينفعه زلط وسلاح الدولة المكدسة في مدافن الشيوخ وبدرومات القادة والضباط العسكريين والموالين في كل حارة.
إحتمى بعض حاشد في البداية بالحوثيين ضد شيوخ القبيلة أنفسهم قبل سقوط صنعاء يوليو 2014م وانتهى شهر العسل بينهم في الظاهر اليوم بثأرات وانتقامات شهيرة هي الآن بعض رهان حميد وأمنيات أحمد بإقحام من نجا من أصحابهم وخصومهم (التائبين) في معارك سابقة بحمام دم جديد من رأس القبيلي أو أهل صنعاء.
ولخصوصية بعض القبائل المتشيطنة فتحتاج إلى صميل الحوثي صاحب نظرية(ألعصا أو الصميل) وليس سياسة(ألعصا أو الجزرة) ألمفسدة لها ولليمن.
تحول الإصطفاف القديم من (في الليل ملكي وفي النهار جمهوري) إلى(في الليل مؤتمري وفي النهار حوثي) في دوامة صوملة محتملة إذا حدثت لن ينجو منها اليمن لقرون.
وقد يغبط البعض القبيلي على تلقيه السلاح من هنا والزلط من هناك, لكن من يقنع أصحاب الموت المجاني من محبي الزعيم وبيت الأحمر الآخرين في بقية مناطق اليمن أن المعركة لا تحتمل الشطارة والمساومات والعواطف الساذجة لموت بلا قضية كحال شباب حزب الإصلاح الذين استقدموهم من المدن والقرى إلى عمران في معركة بيت الأحمر والحوثة.
**
ولعل أبرز دوافع صحوة مشروع الحوثي الإمامي منذ 2002م** هو سلوك نظام الرئيس صالح التمييزي العائلي وتوريث العائلة باسم الجمهورية والثورة أكثر من ثلاثة عقود.
وعلى الناس التفريق بين ربطهم تحسن الأسعار والمعيشة السابق بعلي عبدالله صالح وقوله تعالى: ما أصابكم من خير فمن الله) فبينها والشرك بالله شعرة واحدة, رغم أن ما أصابنا اليوم من ضيق معيشة وقلة أمن من تحالف صالح والحوثي واستئناف الصراع مع أولاد الأحمر وحزب الإصلاح على السلطة وليس من أجل الجمهورية والثورة المغدورة.
ويتجاسر ورثة الرئيس صالح اليوم أكثر من غيرهم بإعادة اليمن إلى المربع الأول وإغراق البلد بالأسوأ وهم يقيمون أعراسهم الباذخة مع كبار مسؤولي ولصوص الشرعية من أموال الشعب بلا حساب بانتظار العودة إلى العرش على دماء المغرر بهم والأغبياء, ومن لا يتعضون من دروس الماضي والحاضر كما يفعل أبناء وأقارب الرئيس علي عبدالله صالح أنفسهم وحلفائهم السابقين.
وختاماً :
مشكلة قيادات الحوثيين حالة الإنتشاء ببلوغ مرحلة الإستعصاء العالمي وأوهام تحولهم إلى قوة إقليمية كبرى, شعارها القرآن وتتصرف بالإستكبار والإستعلاء على أبسط حقوق عباد الله.
ورغم قوة قبضة الحوثيين العسكرية الرسمية لا يثقون بأنفسهم بتأثير إحساس رفض الناس لطريقة إدارتهم أكثر من شخوصهم ومعتقداتهم.
ولا يعوض اهتزاز صورة الحوثيين مظاهر الحشود الأسبوعية الإجبارية الضخمة عن حقيقة عزلتهم الشعبية.
وعلى العكس يتصرف خصومهم بثقة ظاهرة رغم ضعفهم ويصدقهم الناس ويلتفون حولهم وهم كاذبون, ويراهن البعض على مبايعتهم وهم لا يصلحون بالتجربة.
وهكذا يستمر نفق اليمن المظلم بوجود مستكبرين هناك ومنافقين هنا , وبينهما شعب يعيش معظمه بذاكرة مثقوبة وغلبة ثقافة العناد والقطيع المنتحر.
——————————————–
** بدأ الصراع العلني على السلطة بين الرئيس علي عبدالله صالح والشيخ عبدالله بن حسين الأحمر عام 2002م عندما نشرت صحيفة الميثاق المؤتمرية تلميحات بتدوير رئاسة مجلس النواب التي كان يشغلها الشيخ الأحمر, ثم خرج بتصريحاته عن معاناة اليمن من(نفق مظلم)..
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع