تم النشر بتاريخ 13 أغسطس, 2025
عبدالحميد حميد الكبي
ترتبط جمهورية أوزبكستان بالعالم العربي بعلاقات تاريخية وثقافية ودينية عميقة تمتد عبر قرون. كانت مدن مثل بخارى وسمرقند مراكز إشعاع حضاري في العالم الإسلامي، حيث ازدهرت العلوم والثقافة خلال العصر الذهبي الإسلامي. علماء أوزبكستان الكبار، مثل الإمام البخاري، صاحب أصح كتب الحديث، والخوارزمي، مؤسس علم الجبر، وأبو ريحان البيروني، وابن سينا، قدموا إسهامات لا تُقدر بثمن باللغة العربية، مما عزز التلاقح الثقافي، لتستمر هذه الروابط من خلال اهتمام أوزبكستان بتدريس اللغة العربية ودراسة التاريخ والثقافة العربية، مما يعزز التقارب الفكري والروحي بين أوزبكستان والعالم العربي.
ومنذ استقلال أوزبكستان، لعب الرئيس الراحل إسلام كريموف دورًا محوريًا في بناء العلاقات الأوزبكية-العربية من خلال سياسته الخارجية المتوازنة، حيث عمل على تعزيز التعاون مع الدول العربية ضمن إطار منظمة التعاون الإسلامي. في عام 2007، التقى الرئيس الراحل إسلام كريموف بالأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى خلال المؤتمر الدولي “إسهام أوزبكستان في تطور الحضارة الإسلامية” في طشقند، حيث ناقشا تعزيز التعاون بين آسيا الوسطى والعالم العربي ودعم القضايا العربية. كما وضعت زيارات الرئيس الراحل إسلام كريموف إلى دول عربية، مثل المملكة العربية السعودية، أسسًا متينة للتعاون الاقتصادي والثقافي، مما مهد الطريق لتطور العلاقات في عهد خلفه.
في إطار منظمة التعاون الإسلامي، تُعد أوزبكستان عضوًا نشطًا منذ انضمامها عام 1996، حيث تساهم في تعزيز الوحدة الإسلامية ودعم القضايا الإسلامية. شاركت أوزبكستان في العديد من قمم المنظمة، وقدمت مبادرات لتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي، مع التركيز على مكافحة الإسلاموفوبيا ودعم التنمية المستديمة. استضافت العاصمة طشقند الدورة الثالثة والأربعين لمجلس وزراء خارجية المنظمة في عام 2016، حيث أكدت على أهمية الحوار الحضاري ومكافحة التطرف. قدمت أوزبكستان مبادرات لتطوير التعليم الإسلامي والحفاظ على التراث الثقافي، مثل إنشاء مركز الإمام البخاري الدولي للبحوث العلمية. كما دعمت القضية الفلسطينية من خلال مواقفها في القمم الإسلامية، مما عزز مكانتها كلاعب نشط في المنظمة.
منذ توليه الرئاسة عام 2016، اعتمد الرئيس شوكت ميرضياييف سياسة خارجية منفتحة جعلت أوزبكستان سوقًا استثماريًا واعدًا للدول العربية. ركزت إصلاحاته على تنويع الاقتصاد في مجالات مثل صناعة السيارات، النسيج، الزراعة، وتكنولوجيا المعلومات، إلى جانب تطوير السياحة بفضل التراث الثقافي في مدن مثل سمرقند وبخارى، التي تضم أكثر من 7000 من الآثار التاريخية. ساهمت هذه السياسة في تعزيز العلاقات مع الدول العربية من خلال اتفاقيات ثنائية وتبادل ثقافي، مما عزز صورة أوزبكستان كدولة ديمقراطية حديثة ومتطورة.
وشكلت زيارات الرئيس ميرضياييف إلى الدول العربية مرحلة جديدة في تعزيز العلاقات مع الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية
-مايو 2017 التقى الرئيس شوكت ميرضياييف بالملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض، وأسفرت الزيارة عن اتفاقيات لتعزيز التعاون في الطاقة والتجارة.
-أغسطس 2022 التقى الرئيس الأوزبكي ميرضياييف بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في جدة، وتم توقيع مذكرات تفاهم في الطاقة، الزراعة، والصحة.
-فبراير 2023 زار الرئيس شوكت ميرضياييف القاهرة في 20-21 فبراير 2023، والتقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي. أسفرت الزيارة عن توقيع مذكرات تفاهم في التجارة، الصناعة، والتعليم العالي.
_يونيو 2024 زار الرئيس ميرضياييف الدوحة في 2-3 يونيو 2024، والتقى بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. أسفرت الزيارة عن اتفاقيات في الاقتصاد، التجارة، والطاقة.
_يناير 2025 زار الرئيس ميرضياييف دولة الإمارات العربية المتحدة والتقى بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وركزت الزيارة على الاستثمارات في الطاقة المتجددة، التكنولوجيا، والبنية التحتية.
-فبراير 2025 زار الرئيس ميرضياييف الكويت في 17 فبراير 2025، وأسفرت الزيارة عن تعزيز التعاون في التجارة، الطاقة، والبنية التحتية.
وتتمحور رؤية الرئيس الأوزبكي شوكت ميرضيائيف حول تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي مع الدول العربية. وتشمل أولوياته
التعاون الاقتصادي من خلال تعزيز الاستثمارات في الطاقة، الزراعة، والتكنولوجيا.
دعم القضايا الإسلامية التأكيد على دعم القضية الفلسطينية ومواجهة الإسلاموفوبيا.
تعزيز الروابط الثقافية تشجيع السياحة عبر إلغاء التأشيرات لمواطني دول الخليج وتطوير السياحة الثقافية.
التكامل الإقليمي جعل أوزبكستان مركزًا للتواصل بين آسيا الوسطى والعالم العربي.
مشاركات الرئيس ميرضياييف في القمم العربية الإسلامية بالرياض
-21 مايو 2017 – قمة الرياض العربية الإسلامية شارك الرئيس ميرضياييف بحضور قادة 54 دولة، وأكد في خطابه على دور أوزبكستان التاريخي في الحضارة الإسلامية، مشيرًا إلى إسهامات علماء مثل الإمام البخاري.
-11 نوفمبر 2023 – القمة العربية الإسلامية غير العادية دعا الرئيس ميرضياييف إلى وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، مؤكدًا دعم مبادرة السلام العربية.
-نوفمبر 2024 – القمة العربية الإسلامية غير العادية أكد الرئيس ميرضياييف على ضرورة السلام الشامل، مشددًا على دور أوزبكستان في تعزيز الوحدة الإسلامية.
مشاركة الرئيس شوكت ميرضياييف في قمة آسيا الوسطى ودول الخليج
في 19 يوليو 2023، شارك ميرضياييف في أول قمة بين دول آسيا الوسطى ودول الخليج في جدة. دعا في خطابه إلى تعزيز التعاون السياحي عبر إلغاء التأشيرات مشيرًا إلى إمكانات أوزبكستان السياحية والاقتصادية.
حيث من المقرر أن تستضيف سمرقند القمة القادمة بين دول آسيا الوسطى ودول الخليج في عام 2025. ستسلط القمة الضوء على التراث الثقافي والإمكانات الاقتصادية لأوزبكستان، مما يعزز مكانتها كوجهة استثمارية وسياحية.
لذلك تجسد العلاقات الأوزبكية-العربية مزيجًا من التاريخ العريق والطموح المعاصر. من خلال جهود الرئيس الراحل إسلام كريموف وسياسة الرئيس الحالي شوكت ميرضياييف المنفتحة، أصبحت أوزبكستان شريكًا استراتيجيًا للدول العربية. زيارات ميرضياييف إلى السعودية، الإمارات، مصر، الكويت، وقطر، ومشاركاته في القمم العربية الإسلامية وقمة آسيا الوسطى والخليج، عززت التعاون، مما يبشر بمستقبل واعد مع استضافة سمرقند للقمة القادمة.
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع