تم النشر بتاريخ 1 أبريل, 2021
قال مسؤول في حكومة الشرعية اليمنية إن مواجهة مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران تحتاج إلى إعادة بناء جذري للمعركة لحدوث تغيير فعلي لها بعد تجربة استمرت لستة أعوام.
واوضح وكيل وزارة الإعلام نجيب غلاب أن المواجهة مع الحوثية تحتاج إعادة بناء جذري للمعركة وتجربة ٦ سنوات كافية لإحداث تغيير فاعل وجذري.
وأشار إلى أن الاستمرار داخل الصندوق كمن يدمن الفشل ثم يصرخ في كل وسيلة إعلام أن الأمور تمام.. موضحاً ان مواجهة الحوثيين تتطلب تدمير الصندوق القديم بكافة تفاصيله والخلاص من أحجار الزوايا التي تقود للفشل والعجز.
ومن هنا يمكن القول ان الشرعية اليمنية والتحالف العربي ما يزالون يعملون بنفس الاداء والخطط دون وجود تغيير في اسلوب المعركة يساهم في نقلهم من موقف الدفاع الى الهجوم على عكس الحوثيين الذين يغيرون من اساليبهم وخططهم باستمرار وهو الأمر الذي اعطاهم تفوقا نسبيا في المعركة ووضعهم في موقف المهاجم وفي كافة الجبهات.
ومن الحري القول ان رفض الحوثيين للجهود الدولية الرامية لوقف الحرب في اليمن يأتي انطلاقا من احساسهم بالتفوق والنصر في المعارك التي يخوضونها مع المقاومة والجيش الوطني والتحالف، لذا فهم يؤملون بصورة كبيرة على هذا التفوق الذي يشعرون به وبأنه قد يمكنهم مستقبلا من تحقيق انتصارات في جميع الجبهات خصوصا في مأرب التي اعدوا لها اعدادا كبيرا من كافة النواحي وعلى مختلف الصعد لأن حصولهم على مأرب سوف يمنحهم امكانيات كبيرة وعزما اكبر للاحتفاظ بالشمال وربما التوجه جنوبا بعد ذلك.
لماذا يرفضون إيقاف الحرب؟
قال السفير الفرنسي في اليمن جان صفا أمس الأول لصحيفة (الشرق الاوسط) اللندنية ان جميع الاطراف موافقة على ايقاف الحرب في اليمن باستثناء الحوثيين الذين يرفضون ذلك ويستمرون في الحرب رغم الجهود الدولية لإيقافها.
وهذا الكلام من دبلوماسي غربي كبير يؤكد ما ذهب اليه محللون سياسيون في وقت سابق، قالوا ان مفتاح المعركة اصبح بيد الحوثي فهو الطرف الذي يقاتل ويرفض كل المطالب الداخلية والخارجية لوضع حد للحرب وهذا ربما يكون نابعا من شعورهم بالتفوق والنصر كما اسلفنا سابقا او من قدرتهم في تحقيق انتصارات قادمة اذا ما استمرت الحرب فترة اطول.
لقد اعاق وافشل الحوثيون كل مخرجات مؤتمرات الحوار التي جرت مع الحكومة الشرعية في كل من جنيف والكويت كما اعاقوا وافشلوا مخرجات مؤتمر ستوكهولم الأخير ورفضوا ايقاف المعركة في الحديدة غرب اليمن بالإضافة الى وقوفهم سدا منيعا امام جهود المبعوثين الدوليين للأمم المتحدة واخرهم غريفث الذي فشل حتى الان في اقناع جماعة الحوثي بوقف الحرب والدخول في عملية السلام.
ويقول مراقبون ان ابعاد جماعة الحوثي من قائمة الارهاب الامريكية جعل الجماعة تشعر وبانه لديها ضوءً اخضر من امريكا لمواصلة حربها في البلاد في ظل خطوة امريكية في الاتجاه الاخر عملت على تقويض دور التحالف في الحرب من خلال الامتناع عن بيع الاسلحة للمملكة العربية السعودية وايقاف الدعم الحربي لها.
والى الان لم تحقق الولايات المتحدة الامريكية التي قالت انها ستستخدم الورقة الدبلوماسية اي اختراق في طريق ايقاف الحرب في اليمن حتى وهي تقول بانه لديها قنوات خلفية للتواصل مع الحوثيين، واللقاء الاخير الذي عقد بين مبعوثها لندركينج والحوثيين في عمان لم يخرج بأي نتائج تذكر، وهو اللقاء الذي انكره الحوثيون لاحقا.
هل فشل التحالف والشرعية؟
كثير من التساؤلات تدور حول دور التحالف والشرعية في الحرب منها: هل فشل التحالف والشرعية في تحقيق انتصار في الحرب؟ لماذا التحالف مستمر في الحرب حتى الآن؟ وغيرها من التساؤلات التي تبحث في استمرار الحرب طوال السنوات الست الماضية ولا يبدو ان هناك ما يلوح في الافق لوضع نهاية لها.
يدفع اليمن واليمنيون ثمنا باهظا للحرب التي دخلت عامها السابع فهناك نحو 4 ملايين مهجر ونازح وهناك 233 الف قتيل واكثر منهم جرحى ومعاقون بحسب الأمم المتحدة التي قالت ايضا ان اليمن يعيش اسوأ ازمة انسانية في العالم وان هناك 80 بالمئة من عدد السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة يعيشون على المساعدات الانسانية وبرامج الاغاثة.
واضافة للوضع الانساني تعرضت البنى التحتية لليمن لتدمير كبير حيث تؤكد المعلومات ان ما نسبته 65 بالمئة من البنى التحتية تعرضت للتدمير والتخريب خلال الحرب المستمرة منذ ست سنوات بينها مشروعات كبيرة كان يستفيد منها المواطنون في مناطق عدة من ابرزها المحطة الغازية للكهرباء في مارب التي توقف عملها منذ بدء الحرب ولم تعد قادرة على مد المدن والارياف اليمنية بالطاقة بالإضافة الى تدمير مشروعات المياه والجسور والطرق والمصالح الحكومية والخاصة وضرب قطاع السياحة بالكامل واضعاف قطاعات اخرى مثل النفط والنقل وغيرها وكل هذا ادى الى ارتفاع الكلفة الباهظة التي يدفعها اليمن واليمنيون من استمرار الحرب الملعونة.
كل هذا التدمير واكثر واتساع الازمة الانسانية والتحالف والشرعية ما يزالون في موضع الدفاع غير قادرين على التحكم بمصير الحرب ولا يمتلكون مفاتيحها بينما يتخذ الحوثيون موقع الهجوم مصعدين الحرب في اتجاهات مختلفة داخليا وخارجيا غير مكترثين بالتوجهات والمطالب الدولية بوقفها بل ان كثيرا من المواقف الدولية استطاعوا توظيفها لمصلحتهم للاستمرار في الحرب فترة اطول كما يرغبون في ذلك طمعا في تحقيق انتصارات جديدة، كما هو الحال في مأرب.
ويرى مراقبون ان التحالف والشرعية فرطوا بفرص كبيرة كان من الممكن ان تصنع منهم طرفا منتصرا في الحرب يجعل الحوثيين يرضخون للحلول السلمية او اخراجهم من المشهد كلية، لكن هذه الفرص ذهبت ولن تعود كما يبدو، واهم هذه الفرص الدعم الكامل الذي تلقاه التحالف من امريكا في عهد الرئيس السابق ترامب بالإضافة للانتصارات التي تحققت في الجنوب لاسيما في عدن، لو تم البناء عليها بتلك السرعة كان من الممكن اضعاف الحوثيين والسيطرة عليهم فيما بعد، لكن ذلك لم يحدث لأمور لا نعلمها ولم يفصح عنها التحالف حتى اليوم.
ماذا يريد الحوثيون؟
إصرار الحوثيين على استمرار الحرب والتصعيد المتنامي.. ما الهدف منه؟ سؤال يبحث عن اهداف الحوثيين وتطلعاتهم في هذه الحرب وينتج عنه سؤال اخر: هل يريد الحوثيون العودة الى الجنوب؟ هذا هو السؤال الهام الآن، وهذا ما يمكن ان تكشفه معركة مأرب والتصريحات الاخيرة لعدد من قيادات الجماعة ابرزهم رئيس شؤون المفاوضات محمد عبدالسلام الذي تحدث الاربعاء الماضي لبرنامج (بلا حدود) في قناة الجزيرة واعلن رفضه لفك ارتباط الجنوب عن الشمال او الانفصال كما اسماه ملوحا بالتهديد في وجه من يدعون لذلك، مشيرا الى ان الحفاظ على الوحدة اليمنية تأتي ضمن اوليات الجماعة.
هذا التوجه يجعل من الجنوب هدفا قادما للحوثيين بعد مأرب حتى ولو اخفوا ذلك في مواقفهم وتصريحاتهم لكن ذلك ليس امرا سهلا بحسب مراقبين، فإن الجنوب شهد تغييرات كثيرة في قواعد اللعب لاسيما في عدن وما جاورها، لكن تبقى المحافظات الجنوبية القريبة من مأرب كشبوة وحضرموت الغنيتين بالنفط في يد حزب الاصلاح وقوات الجنرال العجوز علي محسن الأحمر، وهؤلاء اذا ما انهزموا في مأرب فإنهم سيتوجهون بصورة طبيعية صوب شبوة وسيئون وهذا ما تريده جماعة الحوثي بالفعل لأنه بإمكانها في تلك اللحظة مواصلة تقدمها صوب هاتين المنطقتين بحجة محاربة الدواعش والإرهاب كما هو لسان حالها باستمرار في مواجهة الاصلاح والقوات المرتبطة به، وهذا في تصوري يحتاج تحركا سريعا من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي لتعزيز قواته في هاتين المنطقتين او بالقرب منهما تحسبا لأية خطوات تصعيدية من قبل الحوثيين اذا ما سقطت مأرب في ايديهم.
كل المؤشرات تقول ان الحرب في مأرب مستمرة ولن تستطيع الجهود الدولية ايقافها ولن تستجيب جماعة الحوثي لهذه الجهود حيث تبدو مصرة على دخول مأرب رغم ما تتلقاه من هزائم هناك لكن مأرب ليست مجرد فسحة أو نزهة يمكن الذهاب اليها بكل سهولة بل معركة كبيرة وواسعة ونهائية واخيرة تقودها القبائل والجيش الوطني ومقاتلون قدموا من الجنوب لمنع الحوثيين من تحقيق نصر عسكري وسياسي يتطلعون إليه.
باسم فضل الشعبي
رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام
عدن الغد
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع