الرئيس الأوزبكي يدعو إلى عدالة اقتصادية عالمية في مؤتمر الأمم المتحدة للبلدان غير الساحلية

تم النشر بتاريخ 6 أغسطس, 2025

عبد الحميد حميد الكبي

في قلب منطقة آفازا الخلابة، لؤلؤة بحر قزوين، ألقى رئيس جمهورية أوزبكستان، شوكت ميرضيائيف، كلمة مؤثرة خلال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية. جاءت كلمته لتُسلّط الضوء على التحديات الاقتصادية واللوجستية التي تواجهها الدول غير الساحلية، داعيًا إلى إصلاحات هيكلية تضمن عدالة اقتصادية عالمية. وقد حمل خطابه رؤية طموحة لتعزيز الترابط والتنمية المستدامة، مع طرح مبادرات عملية لتجاوز العوائق الجغرافية والاقتصادية التي تعيق تقدّم هذه الدول.

حيث استهل الرئيس شوكت ميرضيائيف كلمته بالتعبير عن شكره العميق لتركمانستان، ممثلة برئيسها سردار بردي محمدوف، ورئيس مجلس الشورى قربانقلي بردي محمدوف، على استضافتهم الحارة وتنظيمهم المميز للمؤتمر. وأشار إلى الرمزية العميقة لعقد المنتدى في منطقة آفازا، في إطار السنة الدولية للسلام والثقة التي أطلقتها الأمم المتحدة بمبادرة تركمانية. كما أثنى على جهود تركمانستان في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكدًا دعم أوزبكستان الكامل لهذه الجهود ولمبادرة إعلان آفازا السياسي.

وأوضح الرئيس ميرضيائيف أن الدول غير الساحلية، مثل أوزبكستان، تواجه تحديات جسيمة بسبب بُعدها عن الموانئ البحرية، التي تصل إلى ثلاثة آلاف كيلومتر في حالة بلاده. هذا البُعد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف النقل، ومحدودية البنية التحتية، والاعتماد على سياسات الدول المجاورة. واستشهد بتقرير البنك الدولي الذي يكشف أن منطقة آسيا الوسطى تفقد 2% من ناتجها المحلي الإجمالي سنويًا بسبب هذه العوائق، حيث تصل تكاليف الخدمات اللوجستية إلى 60% من تكلفة السلع، وهو رقم يفوق بأضعاف المتوسط العالمي.

أكد الرئيس ميرضيائيف أن قضية العدالة الاقتصادية تمثل جوهر المؤتمر، مشددًا على ضرورة منح الدول غير الساحلية فرصًا متساوية في الاقتصاد العالمي. ولتحقيق ذلك، اقترح ثلاثة شروط أساسية: تحديث البنية التحتية، تعزيز الترابط لتجنّب مشاكل النقل، وإعمال الحق في التنمية كركيزة للمساواة العالمية. وسلّط الضوء على الإصلاحات الاقتصادية في أوزبكستان، التي شملت تحرير التجارة، تحسين مناخ الاستثمار، ورقمنة العمليات اللوجستية، والتي أدت إلى زيادة القدرة التنافسية وتسريع التنمية المبتكرة.

قدّم الرئيس الأوزبكي ست مبادرات رئيسية لمواجهة التحديات المشتركة:

1. تطوير ممرات النقل: دعا إلى تسريع بناء خط سكة حديد أوزبكستان-أفغانستان-باكستان، وربطه بخط الصين-قيرغيزستان-أوزبكستان، لخلق فضاء تجاري واقتصادي جديد.

2. اتفاق عالمي لضمانات العبور: اقترح إنشاء اتفاقية دولية تحت رعاية الأمم المتحدة لضمان الوصول العادل إلى الموانئ وتقليص المخاطر اللوجستية.

3. صندوق لدعم اللوجستيات: طالب بإنشاء صندوق دولي لتمويل مشاريع البنية التحتية، مع جذب موارد من الدول المانحة ومؤسسات التنمية.

4. مؤشر عالمي للضعف: دعا إلى تطوير مؤشر لتقييم قدرات الدول غير الساحلية، لتوزيع الموارد بشكل أكثر فاعلية.

5. مركز ابتكار زراعي: اقترح إنشاء مركز في أوزبكستان لتطوير تقنيات زراعية تكيفية وتعزيز الأمن الغذائي.

6. منتديات دولية: دعا إلى عقد فعاليات لمناقشة التكامل في سلاسل الإنتاج العالمية، وتطوير الذكاء الاصطناعي، ودعم الشركات الناشئة.

واختتم الرئيس ميرضيائيف كلمته بالتأكيد على أن الوصول المتكافئ إلى الأسواق العالمية ليس مجرد ضرورة اقتصادية، بل شرط أساسي للتنمية المستدامة والثقة الدولية. وأكد استعداد أوزبكستان للشراكة البنّاءة من أجل بنية عالمية أكثر عدالة.

لذلك يُعدّ خطاب الرئيس ميرضيائيف إعلانًا قويًا عن طموح أوزبكستان لقيادة إصلاحات إقليمية وعالمية تُعالج تحديات الدول غير الساحلية. من خلال طرحه لمبادرات عملية، مثل إنشاء صندوق دولي ومؤشر للضعف، يبرز الرئيس رؤية استراتيجية تجمع بين التعاون الإقليمي والتكامل العالمي. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الرؤية يتطلب توافقًا دوليًا واستثمارات ضخمة، مما يضع أوزبكستان أمام تحديات تنفيذية كبيرة. إن التزامها بالإصلاحات الاقتصادية والرقمنة يعزز مكانتها كقوة إقليمية صاعدة، لكن نجاح هذه المبادرات يعتمد على مدى استجابة المجتمع الدولي لدعوتها إلى العدالة الاقتصادية.

Left Menu Icon
الرئيسية