المعلم بين قداسة الأمس واتهامات اليوم

تم النشر بتاريخ 16 أبريل, 2025

بقلم: مثنى المسني

منذ زمن ليس بالبعيد، عندما كان الشعب يبحث عن الخلاص، كان المعلم هو أول من لبّى نداء الكرامة. خرج دون خوف، بصوته وهتافه وقلمه، يقود الميدان ويصوغ شعارات الحرية. لم يكن بيده سلاح، لكنّه كان أقوى من كل الرصاص، لأنه حمل فكرا وإرادة.

في 2011، صرخ الكل..
*لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس*
وكان المعلم في مقدمة الصفوف، يهتف، يعلّم، ويؤمن بأن التغيير يبدأ من المدرسة. حينها، صفّق له الجميع، ورفعوه على الأكتاف، وكتبوا اسمه بين الأبطال.

لكن ماذا تغيّر؟

اليوم، يعود المعلم إلى الميدان، ليس مطالبا بإسقاط نظام، بل للمطالبة بأبسط حقوقه الإنسانية. خرج لأنه جائع، لأن راتبه لم يعد يكفي ثمن دقيق أو دواء. خرج لا ليثير فوضى، بل ليقول: ارفعوا الظلم.. عدّلوا الرواتب بما يتناسب مع هذا الغلاء الجنوني وتدهور الاقتصاد.
لكن الرد لم يكن إنصافا، بل قرارات تعسفية، تهديدات، وتخوين.

عبدالواسع شداد، مدير مكتب التربية في تعز، لم يكن في صف المعلم، بل في مواجهة صريحة معه.
بدلاً من أن يُنصت لصرخاتهم، تعامل معهم كخصوم. أصدر قرارات تعسفية، هدّد، توعّد، وحرّض. أراد أن يُرغم المعلمين على العودة إلى الفصول، لكن بأي وجه؟
يريدهم أن يعودوا إلى التعليم، وهم لا يملكون ما يسدّ رمق أبنائهم!
يريد أن يُلقوا دروسهم ببطون خاوية وأرواح مسحوقة.
أي وقاحة هذه؟ أن تطالب المعلّم بأداء رسالته المقدّسة، وأنت من سرق قدسيّتها؟!

يريدهم أن يُربّوا الأجيال، بينما هم محرومون من أبسط مقوّمات الحياة.
يريدهم أن يُغذّوا العقول، بينما لا يملكون ما يُغذّون به أجسادهم.
يريدهم أن يُزرعوا في الأرض وهم لا يجدون من يرويهم!

هذا ليس طلباً بالتعليم، بل ابتزاز للمعلم بلقمة عيشه.

المعلمون لم يخرجوا عبثا، بل بعد سنوات من الصبر على رواتب مجتزأة، ووضع معيشي لا يُطاق، وخذلان مستمر. خرجوا لأن السكوت صار جريمة بحقّهم وبحقّ رسالتهم.

المعلم لم يتغيّر… الوطن فقط هو من خذله.

المعلم اليوم لا يُطالب بامتيازات ، بل بحق بسيط: راتب يكفيه ليعيش بكرامة. يريد فقط أن يُعامل كإنسان، كرمز وطني، لا كرقم على جدول إداري يُهدد ويُساوَم عليه.

من يُجرّم صوت المعلم، يزرع الجهل ويُشرّع للخراب.
من يتآمر عليه، يهدم أساس البناء، ويُضعف جيلاً بأكمله.

أيها الناس.. قفوا مع المعلم.
صوته ليس خيانة، بل صرخة حق.
مطالبه ليست تمرّداً، بل استحقاقاً
سكوته هو الخطر، أما احتجاجه.. فهو الأمل.

فلتسقط كل القرارات التعسفية،
ولتُكسر كل القيود التي تكمم أفواه المعلمين،
وليرتفع صوت الحق مهما طال الزمن.

Left Menu Icon
الرئيسية