تم النشر بتاريخ 4 مارس, 2025
فتحي أبو النصر
السَفَلة الثلاثة هم، المؤتمري الذي ينزه عفاش وحاشية نظامه ويحمل شباب ثورة ٢٠١١ مسؤولية كل الويلات التي حلت بالوطن. والإصلاحي(الاخواني) الذي يخون الآخرين ويزايد على السيادة الوطنية. ثم الحوثي الذي يصف خصومه بالمرتزقة ويتشدق بالعدالة والمساواة.
ذلك أن الاول يدنس الثورة وينكر فساد عفاش رحمة الله عليه ولا يقر بحقيقة ان كل ما حل بالوطن من نكبات هي في الاصل تراكمات عقود مضت من الفساد والإفساد وسياسات همجية ونهب وإقصاء وحروب وفتن.
فيما الثاني الذي يخون ما دونه ويبلبل ،وهو تابع لتنظيم دولي شبه سري ناكر للسيادة وعابر للأوطان.. يأتمر بأمره ويتلقى التوجيهات والدعم والعطاء الجزيل عيانا بيانا من اكثر من دولة.
والانكى هو السافل الثالث وهو مرتزق عنيد اخرق يدمر الوطن والأمة خدمة لمشروع إيران الإستعماري.. يرفع شعار المساواة وهو يضع سيده عبملك وبني عترته الهلامية فوق كل البشر- يُقدسه ويبايعه ويقر له بالإصطفاء الإلاهي والولاية والسلطة المطلقة.
الثلاثة يشتركون في الكثير من الصفات ويجمعون ويطرحون ويضربون في واحد 3×1 وفيهم نكبة الوطن.
هؤلاء السفلة الثلاثة هم جذور الكارثة اليمنية المشتركة،وإذا أردنا أن نتأمل في الأزمات والنكبات منذ عقود، سنجد انها لاتقع على طرف واحد، بل تتقاسمها تلك الأطراف المتعددة التي تُصر كل واحدة منها على تصوير نفسها كضحية ومظلوم في وجه الآخر. ومع ذلك، حين نتمعن في الأفعال والخطابات، نجد أن القاسم المشترك الأعظم بينهم هو نهج السفالة الذي يوحدهم ويجعل منهم أركانا أساسية في نكبة الوطن.
فالمنتمي إلى المؤتمر الشعبي العام، الذي لا يزال يسبح بحمد علي عبد الله صالح رحمة الله عليه وحاشيته الفاسدة، ينكر علانية كل الجرائم التي ارتكبتها هذه المنظومة طيلة عقود حكمها. يرفض الاعتراف بأن النظام الذي دافع عنه هو الذي وضع اللبنات الأولى للفشل، من فساد مالي وإداري، ومن احتكار للسلطة والثروة، وافتعال الحروب والفتن، والإقصاء الممنهج لأبناء الوطن. بل يزيد الطين بلة حينما يلقي باللائمة على شباب ثورة 2011، ويدعي أن ما حل بالوطن من ويلات هو نتيجة لهذه الثورة.
يتناسى هذا المؤتمري أن الثورة كانت نتيجة وليست سببا نتيجة طبيعية لعقود من الظلم والفساد والاحتكار السلطوي.
اما الإصلاحي واعني تاجر الوطنية والمزايد بالسيادة، فهو الإصلاحي (الإخواني) الذي يتصدر المشهد بالشعارات الوطنية ويُخون كل من يعارضه، لا يستطيع إخفاء ولائه للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ذلك التنظيم الذي لا يعترف بالحدود الوطنية إلا عندما تخدم مصالحه. هؤلاء يُزايِدون على سيادة الوطن، بينما يتلقون الدعم المالي والعسكري والإعلامي من دول خارجية كقطر وتركيا، ويعملون وفق توجيهاتها. كيف يمكن لمن يتلقى توجيهاته من أنقرة أو الدوحة أن يزايد على سيادة وطنه؟ هذه الازدواجية تجعل الإصلاحي مشكلة مضاعفة، لأنه يضع مصالح تنظيمه فوق مصالح وطنه، ويعمل على تفكيك النسيج الوطني بإقصاء خصومه واحتكار الخطاب الديني والسياسي.
واللي يرنفز أكثر وأكثر هو الحوثي، مرتزق إيران الذي يدعي القداسة فهو النموذج الأوضح للارتزاق والانتهازية. يصف خصومه بالمرتزقة، في الوقت الذي يتلقى فيه الدعم المالي والعسكري والإعلامي من إيران، التي تستخدمه أداة لتحقيق طموحاتها الاستعمارية في المنطقة. الحوثي الذي يرفع شعار العدالة والمساواة لا يتوانى عن تكريس طبقية بغيضة، حيث يجعل من “السيد” كائنا مقدسا فوق الجميع، يحق له الحكم والولاية بفضل “الاصطفاء الإلهي”. هذه المفارقة الصارخة بين الشعارات والواقع تجعل الحوثي المثال الأبرز للنفاق السياسي والاجتماعي، فهو يدمر البلاد باسم “محاربة المرتزقة” ويجعلها في نهاية المطاف مستعمرة لإيران.
هؤلاء الثلاثة يشتركون في عدة صفات تجعلهم أعداء الوطن الحقيقيين:
جميعهم في فساد وانتهازية يخدمون مصالحهم الشخصية أو الحزبية أو الخارجية، ولا يضعون اليمن ومصلحة شعبه في الاعتبار.
فالمؤتمري يقدس نظام صالح، والإصلاحي يقدس تنظيمه الدولي، والحوثي يقدس “السيد”. هذا التقديس يحولهم إلى أدوات تعمل ضد مصالح الوطن.
كما أن كل طرف منهم يسعى لإقصاء الآخر بدلا من العمل على بناء شراكة وطنية حقيقية.
وهكذا جميعهم يرفعون شعارات براقة تخدع البسطاء، بينما أفعالهم على الأرض تناقض تلك الشعارات.
فالمؤتمري الذي أفسد الماضي والإصلاحي الذي يخرب الحاضر والحوثي الذي يهدد المستقبل، هم جميعا شركاء في الكارثة. وإذا استمر اليمن في الوقوع تحت هيمنة هذه الأطراف، فلن يتمكن من النهوض أبدا. ولا يمكن لأي طرف منهم أن يتبرأ من المسؤولية، لأن أفعالهم وسياساتهم تصب جميعها في خانة تدمير اليمن.
لكن إذا أراد اليمنيون الخلاص من هذه النكبة، عليهم أولا أن يدركوا أن الحل لن يأتي من هؤلاء الثلاثة. عليهم أن يبحثوا عن بدائل حقيقية، عن قيادات تؤمن بالوطن كأولوية وليس كغنيمة. عليهم أن يرفضوا الخطابات المضللة التي تزرع الكراهية وتكرس الانقسام.
وبالتأكيد، لا يمكن إغفال دور الشعب في التصدي لهذه السفالة الجماعية. فالشعب الذي يُخدع بالشعارات الكاذبة مرة بعد أخرى، ولا يتعلم من أخطائه، يسهم هو الآخر في استمرار هذه النكبة. التغيير يبدأ من الوعي، والوعي يبدأ من كشف حقيقة هؤلاء السفلة الثلاثة ومواجهتهم بحقيقة أفعالهم، بعيدا عن الأوهام التي يروجون لها.
غير أن المؤتمري، الإخواني، والهاشمي الذين ينتقدون ذواتهم ،بالتأكيد فإنهم يمثلون علامات مضيئة في ظلام السياسة.
ففي زمن تصعب فيه مواجهة النفس وفضح مكامن القصور، ينبثق بعض الأفراد الذين يستحقون كل الاحترام. إذ أن المؤتمري الذي يعترف بمسؤولية نظامه عن عقود من الفساد ، والإخواني الذي يواجه تناقضات تنظيمه ويختار الولاء للوطن قبل التنظيم الدولي، والهاشمي الذي ينبذ ثقافة الاصطفاء الإلهي ويرفض تقديس الفرد على حساب العدالة والمساواة، هم استثناءات نادرة تستحق التمجيد أيضا.
نعم..فالمؤتمري الذي ينظر بعيون الحقيقة إلى ماضي نظامه، ويدرك أن إرث صالح رحمة الله عليه ليس مجيدا كما حاول أن يغالط، بل مليء بالكوارث التي تراكمت على مدى عقود، يستحق الاحترام. هذا المؤتمري لا ينكر دور المؤتمر الشعبي العام في تأسيس الفساد، ولكنه في الوقت ذاته يبحث عن سبل لتصحيح المسار. اعترافه بالحقائق وشجاعته في نقد النظام الذي كان يوما مرتبطا به ، يجعل منه صوتا للتجديد داخل تيار كان يوما عنوانا للجمود.
اما الإخواني الذي يتحدى سلطة التنظيم الدولي، ويرفض الانصياع للأوامر الخارجية التي تُضعف السيادة الوطنية، فهو نموذج يُحتذى به. اذ يرى في الولاء للوطن واجبا مقدسا يتجاوز أي التزام حزبي.كما يدرك تناقضات الخطاب الإخواني ويفضحها، معلنا أن مصلحة اليمن وشعبه تأتي أولا. اختياره الطريق الصعب، طريق المواجهة مع التنظيم الذي ينتمي إليه، يعكس شجاعة نادرة تستحق الاحترام والإشادة.
وفي السياق فإن الهاشمي الذي يرفض أسطورة ووهم الاصطفاء الإلهي، ويرفض أن يكون سيدا على حساب المساواة بين أبناء الوطن، فهو بطل حقيقي. هذا الهاشمي يدرك أن أصوله العائلية ليست مبررا لتقديسه أو منحه امتيازات لا يستحقها، بل يرى أن العدالة تتطلب أن يكون مساويا لغيره في الحقوق والواجبات. فيما نبذه للامتيازات الطبقية وشجاعته في مواجهة منظومة ثقافية متجذرة، يجعلان منه صوتا للحرية والمساواة.
هؤلاء الثلاثة فقط يمثلون بذور أمل في وطن منهك. نقد الذات ليس ضعفا، بل قوة وشجاعة تعكس حبا حقيقيا للوطن وسعيا لتصحيح الأخطاء. فعندما يجرؤ المؤتمري، الإخواني، أو الهاشمي على مواجهة أنفسهم، فإنهم يُظهرون الطريق للآخرين، ويؤكدون أن التغيير يبدأ من داخل النفوس. يؤكدون انهم نماذج يُحتذى بها، وأصوات يجب أن تجد الدعم والتقدير، لأنها تزرع بذورا لوطن جديد تسوده العدالة والمساواة واللافساد.
من صفحة الكاتب على فيس بك
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع