تم النشر بتاريخ 6 فبراير, 2025
مسارات / متابعا
دخلت مدينة عدن جنوبي اليمن، منذ الأربعاء، حالة انقطاع كلي للكهرباء للمرة الثانية خلال أسبوع، لكن هذه المرة ستتجاوز حالة الانطفاء التي كانت عليها المدينة بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني الماضي، لأن انقطاع الكهرباء هذه المرة لا تتوفر معه أي بوادر منظورة لحل الإشكالية، فيما حذرت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في المدينة من توقف خدماتها خلال 24 ساعة بسبب نقص الوقود، “ما يهدد حياة المواطنين في المدينة”.
وناشدت المؤسسة في بيان الجهات المعنية لتوفير كميات كافية من الوقود لضمان استمرار خدماتها.
وقال رئيس مركز مسارات للدراسات في عدن، باسم الشعبي، لـ”القدس العربي”: “مدينة عدن مهددة بعد توقف خدمة الكهرباء بانقطاع المياه وتوقف خدمة الصرف الصحي، وبالتالي ستدخل المدينة وضعًا لا يمكن وصفه”.
ودخلت المدينة في حال الانقطاع الكلي للكهرباء من الساعة الواحدة صباحًا (الأربعاء)، وهو حال من المتوقع أن يستمر إلى أجل غير مسمى في المدينة الساحلية، التي اتخذتها الحكومة المعترف بها دوليًا عاصمة مؤقتة لها، وهي الحكومة التي عجزت عن حل مشكلة الوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد الكهربائي، كما لم يصدر عنها حتى الساعة التاسعة مساء بالتوقيت المحلي أي توضيح بهذا الشأن، في الوقت الذي حمّلها المجلس الانتقالي الجنوبي كامل المسؤولية عما اعتبره انهيار الخدمات في المدينة.
ويتوفر في عدن عدد من محطات التوليد منها ما يعمل بالديزل أو المازوت، وهذه توقفت عن العمل منذ شهور بسبب إيقاف الحكومة ميزانية شراء الوقود، أما محطة الرئيس التي تعمل بالنفط الخام، فظلت تعمل، في الآونة الأخيرة، على الوقود الممنوح لها من شركة صافر في مأرب، أو من شركة بترومسيلة في حضرموت.
وكانت آخر دفعات تلقتها المحطة من شركة بترومسيلة في حضرموت في الثلاثة الأسابيع الماضية. ولأن حلف قبائل حضرموت يسيطر على مداخل ومخارج قاطرات النفط الخام في حضرموت، فقد سمح بتزويد المحطة بالنفط الخام لمدة أسبوعين، ومن ثم أضاف أسبوعًا ثالثًا انتهى الأحد الماضي، في سبيل الضغط على مجلس القيادة الرئاسي لتلبية مطالب الحلف ذات العلاقة بوضع آلية تنفيذية مزمّنة للخطة، التي أعلنها “الرئاسي” في السابع من يناير/ كانون الثاني لتطبيع الأوضاع في محافظة حضرموت.
أما محطة التوليد بالطاقة الشمسية، التي تولد نحو 120 ميغاوات، فتعتمد في الاستفادة منها على تشغيل إحدى محطات الطاقة الكهربائية الميكانيكية التي تعمل بالنفط الخام أو الديزل أو المازوت.
وفي بيان له بهذا الشأن، اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي)، الأربعاء، مجلس القيادة الرئاسي والحكومة (التي يشارك فيها الانتقالي) بالفشل التام في القيام بمسؤولياتهما.
ووفق البيان الصادر عن اجتماع الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية للمجلس، فقد وقف الاجتماع أمام ما اعتبرها “حالة الانهيار المريع في الخدمات بالعاصمة عدن الناجمة عن توقف محطات إنتاج الطاقة الكهربائية بشكل كامل”.
وناشد “الانتقالي”، الذي يطالب بفصل جنوب اليمن عن شماله، والعودة إلى ما كان عليه الوضع قبل عام 1990: “دول التحالف العربي، وفي مقدمتها الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، التدخل العاجل لإيقاف التدهور المُتفاقم والكارثي للوضع الخدماتي والمعيشي والاقتصادي وإنقاذ العاصمة عدن، وبقية محافظات الجنوب من كارثة إنسانية”.
وأكدَّ أن “العاصمة عدن أصبحت تواجه وضعًا كارثيًا في ظل الغياب الكامل لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وفشلهما التام في القيام بمسؤولياتهما، حيث أصبحت العاصمة محرومة من أبسط الخدمات”.
واعتبر “توقف خدمة التيار الكهربائي بشكل كامل” في عدن “أمرًا غير مسبوق”، مشيرا إلى أن ذلك يهدد “بتوقف المستشفيات عن العمل وانقطاع إمدادات المياه لكل مديريات العاصمة”.
يُشار إلى أن مقعد وزارة الكهرباء في الحكومة من ضمن حصة المجلس الانتقالي، كما أن محافظ عدن ينتمي للمجلس، علاوة على أن عدن خاضعة عسكريًا وأمنيًا لسيطرة “الانتقالي”.
وتواصلت “القدس العربي” مع أحد قيادات حلف قبائل حضرموت، دون الحصول على تعليق، إزاء قرار الحلف بإيقاف خروج قاطرات النفط الخاصة بمحطة الرئيس بعدن، وإمكانية استئناف تزويد المحطة بالوقود.
فيما قال رئيس مركز مسارات للدراسات، في عدن، باسم الشعبي، إن الكهرباء في عدن خرجت عن الخدمة، وسيترتب عليها أزمة في المياه والصرف الصحي وتوقف مرافق خدمية. وأشار إلى أن ما أسماها القوى التي تتشارك الحكم، فشلت فشلًا ذريعًا على حد تعبيره في إدارة الخدمات، وفرطت بكل الأوراق التي بيدها لإصلاح قطاعات الخدمة العامة، على حد قوله.
وأضاف: “الكهرباء ليست مشكلة عويصة. تشغيل مصافي عدن يحل المشكلة ليس في عدن وإنما أيضًا في المحافظات المجاورة. لا أعرف كيف عطّل هؤلاء الميناء والمصافي، ومن ثم يطلبون دعمًا من السعودية والإمارات، والتحالف لم يحل أي مشكلة في عدن منذ دخل الحرب عام 2015 وحتى اليوم، بل على العكس أسهم في خلق الكثير من المشاكل”.
وتابع: “اليمن يعاني من أزمة قيادة ومسؤولية وضمير. الوضع سيئ للغاية، ولا سيما في ظل انقطاع المرتبات، وما سيترتب على ذلك من فوضى، فالبلد أمام طريقين، إما تغيير جذري في الحكومة أو فوضى. كل الأزمات، بما فيها أزمة الكهرباء والمياه، هي نتائج وأعراض لأزمة الإدارة والقيادة التي يعيشها اليمن”.
القدس العربي