المصينعة.. بين ماضٍ سمكي تليد وحاضر يُرثى له ويدعو للشفقة

تم النشر بتاريخ 2 ديسمبر, 2024

حضرموت/ صالح مبارك الغرابي

بمحاذاة البحر العربي وعلى مقربة والتصاق حميمي مع هذا البحر، تربض منطقة المصينعة بساحل حضرموت، مديرية الريدة وقصيعر..
هذا الموقع البحري المهم الذي تمتلكه هذا المنطقة وأشياء أخرى كثيرة، هي من جعلتها محل اهتمام الصيادين من مختلف المناطق. فكثير من الصيادين وفي كل فصول السنة يقصدون المصينعة لطلب الرزق من خلال اصطيادهم ببحرها الزاخر الذي تتوافر فيه بكثرة أغلب الأسماك..

فهي – أي المصينعة – تختلف اختلافاً كبيراً عن كل المناطق الساحلية ذات الشهرة بوفرة الأسماك..
فالمصينعة بها شُعب مرجانية كثيرة، ويبقى من بين الجميع شُعب المصينعة المرجاني الشهير وهو شُعب معروف لعامة الناس بشُعب المصينعة، هذا الشُعب الذي تتوالد بداخله أغلب الأسماك، خصوصاً الأسماك ذات اللون الأبيض المسماة محلياً أسماك القشار بأنواعها المختلفة.

هذه المزايا والخصائص الفريدة التي وهبها الله لهذه المنطقة هي من حتمت على الدولة إنشاء تعاونية سمكية تحت مسمى “تعاونية المصينعة السمكية”،
فكانت هذا التعاونية ذات الميلاد التاريخي البعيد، فهي تعد من أوائل التعاونيات والجمعيات السمكية الاكثر إنتاجاً للأسماك، والتي من خلال هذا الإنتاج ترفد موازنة الدولة بالموارد المالية الكبيرة.

أما إذا عرجنا بحديثنا عن ماضي هذه التعاونية – أي تعاونية المصينعة السمكية – في مضى من وقت تحديداً ما قبل الوحدة، فهنا نصاب بحالة من القهر والحنق على ما آلت إليه هذه الجمعية من خراب وتدمير ممنهج، وهي من كانت ذات الشهرة الواسعة بحكم إنتاجها الكبير..

عصر السبت كنت برفقة بعض الإخوة في زيارة خاطفة للمصينعة، وبما أننا في المصينعة فما كان منا إلا الذهاب وزيارة مركز إنزال هذا التعاونية وما تم إنشاؤه من مركز إنزال آخر منافس. تلك الأماكن التي كانت تعج بالحركة البشرية وبما يأتي من خيرات بحر المصينعة من الأسماك الكثيرة بمختلف أنواعها.

حقيقةً كانت الصدمة كبيرة وغير متوقعة، ليس لدي وحدي بل إن هذا الصدمة أصابت الجميع ونحن نرى قلة القادمين من الصيادين من البحر.. حتى إننا رأينا الصنابيق والهواري الراسية في البحر على غير عادته مقارنة بما كانت من قبل، فهي كما رأيناها قليلة جداً وليست كالتي كنا نراها من قبل..

المقر السابق لتعاونيه خاوٍ على عروشه من البشر إلا إحلال من غطوا الفراغ الحاصل، وهو تواجد القطط والكلاب بدلاً مما كان عليه في السابق..
حسراتنا لم تتوقف هنا ونحن نشاهد بألم كبير هذا البعث الذي طال هذه التعاونية ذائعة الصيت، وكيف صارت أثراً بعد عين، بل شيئاً من الماضي القريب البعيد..

كذلك المكان المجاور للتعاونية المتخذ كمكان لإنزال الأسماك يمكن لأحد الجمعيات المنشأة حديثاً لم يكن بأحسن حال، فهو خالٍ من الإنارة وممتلئ بالأتربة الرملية سريعه الالتصاق.

وما أن هممنا بالرحيل فإذا بالأسئلة المؤرقة تتواتر بشكل سريع مشكلة حالة من الأرق مع بقاء صداع وألم الصدمة الذي سبقهم..
فكيف أصبحت هذا التعاونية بهذا الحال المرثى له؟! ومن يقف خلف هذا الدمار الذي لم تكن ضحيته المصينعة وسكانها، بل إن الضحايا كثير ومن كل المناطق..

لماذا لا تطال التدخلات الخارجية عبر المنظمات الدولية هذه التعاونية حتى تستعيد عافيتها وتعود مثلما كانت من قبل؟ أين دور السلطة المحلية بالمديرية والمحافظة وهي ترى هذا الجرم المرتكب بحق ثروة وطنية كبيرة وجب المحافظة عليها مع تحسينها للأفضل، فهي ثروة لا تقدر بثمن، واليوم أصبحت أمام أنظارنا مختفية تماماً..

بقي أن نقول هي دعواتنا للإخوة المتعاطين مع الإعلام من أبناء المديرية ومن خارجها، التفاعل الإيجابي في إظهار هذا الظلم الذي طال هذه الجمعية وانعكس انعكاساً سلبياً حتى أظهر حالة الإفقار على سكان المنطقة التي سببها الأول والأخير هذا الظلم.. وربي يعيد أمجاد هذه التعاونية المنتجة لسابق عهدها.. إنه سميع مجيب.

Left Menu Icon
الرئيسية