من غيّر ثقافة البلد؟!

تم النشر بتاريخ 27 نوفمبر, 2024

عيدروس الشعبي

ثقافة البلد هي عنوان تحضره ورقيه وتقدمه وأخلاقه وإنسانيته ومسالمته وتعايشه..
يُعرف المجتمع بتحضره من عدمه من خلال سلوك أبنائه وكياناته ومؤسساته..
لكن.. حين تأتي المتناقضات في لحظة واحدة يعيش المجتمع في حالة ضياع، ويعيش الفرد في لحظة توهان، فلا يستطيع تحديد هوية مجتمعه ولا مسار سلوكه..

ثقافة الإنسانية والمسالمة والتعايش والتعاون والمدنية ثقافة رائدة عشناها في فترة من الزمن.. يحق لنا أن نفتخر بذلك ويحق لنا أن نتألم على فقدانها.. لكن من غير ثقافة البلد، حتى أصبح الفرد يعيش حالة تناقضات فظيعة!

يفتخر الفرد ويشعر بالراحة حين يرى العدد الهائل من المساجد، ولكنه ينصدم ويتألم حين يرى ويسمع تناحر الأئمة والخطباء، وكل منهم يجر الناس إلى طرف من أطراف الزمبرك الذي قد ينفك ويصطدم طرفاه لإحداث الاصطدام المدمر..

يفتخر الفرد ويشعر بالراحة حين يرى الطفرة النوعية في المستشفيات والمراكز الصحية، وفي الوقت نفسه يتألم بما يحدث فيها من سلخ واستثمار للمريض أو المصاب..

يفتخر الفرد ويشعر بالراحة حين يرى العدد الهائل من الدكاترة والمتخصصين والاستشاريين من أبناء بلده، وفي الوقت نفسه يتألم بما يمارسونه من تجارة واستثمار في المجال الطبي..

يفتخر الفرد ويشعر بالراحة حين يرى عدد الجامعات والكليات والأقسام والتخصصات، ولكن يتألم حين يرى الكم الهائل من العاملين دون وظائف، والخريجين إلى الشوارع.

يفتخر الفرد حين يرى ويسمع بعدد الرسائل والأطروحات التي تم ويتم مناقشتها، وفي الوقت نفسه يتألم بعدم تطبيق أي من تلك الرسائل على أرض الواقع، وكأن كل تلك الجهود فقط للرفوف والديكور..

بل وصلت الحالة الثقافية للمجتمع إلى الحضيض حين يمر الناس تاركين شخصاً يتألم على قارعة الطريق، فلا يستطيع أحد أن ينقذه، فالقانون لا يسعفه ويتعرض للمساءلة والسجن والغرامة لجرم لم يرتكبه، ويؤيد ذلك سلوك السلك العسكري والأمني..

تنويه..
لا نقصد فرداً أو كياناً أو مديرية أو محافظة.. نكتب بشكل عام عن مشكلة استفحلت على طول البلد وعرضه، وهي ثقافة الشيء ونقيضه، ثقافة غير مألوفة يعاني منها الجميع..
نكتب ونطرح السؤال الكبير الذي يسأله جميع الناس: من أتى بهذه الثقافة ومن فرضها؟! بل من غيّر ثقافة البلد؟!!

Left Menu Icon
الرئيسية