تعز: مشاريع غير مكتملة وفساد يكشفه الضوء والمطر

تم النشر بتاريخ 27 نوفمبر, 2024

مرزوق ياسين

قبل أشهر، وجهت جماعة الحوثيين إضاءة ليزر خضراء صوب قلعة القاهرة وسط المدينة. كان الضوء الأخضر محرجًا بالنسبة لسلطة الشرعية في مدينة غارقة بالظلام والغدر منذ قرابة 10 سنوات.

عشية ذكرى احتفاء جماعة الحوثي بالوصول إلى العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي، دشنت السلطة المحلية بمناطق الشرعية في تعز مشروع إنارة قلعة القاهرة بمبلغ 105 ملايين ريال. يقول مختصون لـ”النداء” إن تكاليف لمبات وأشرطة الإنارة والمولد الكهربائي لا تتجاوز نصف المبلغ، وأكثر من ذلك تستهلك لمبات إنارة القلعة 4 ملايين ريال شهريًا، وينطفئ ضوء القلعة بين حين وآخر بسبب عدم توفر الديزل.

الفوضى والعشوائية والعبث والفساد سمة عامة في أغلب المشاريع التي تنفذها السلطة المحلية، بما فيها تلك التي تنفذها منظمات دولية.

كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، خلال زيارته إلى تعز، قد دشن مشاريع البرنامج الاستثماري للسلطة المحلية للعام 2024م بمبلغ 4 مليارات ونصف المليار ريال فقط. يقول مسؤولون لـ”النداء” إن مشاريع البرنامج الاستثماري للعام 2024م لن يتم الانتهاء منها قبل منتصف العام القادم 2025، ويبررون ذلك بانعدام الموارد وقلتها خلال العام الجاري.

تتسول السلطة المحلية مشاريع ترقيع الشوارع وبرامج التوعية الصحية من المنظمات الدولية، في وقت ينشغل المسؤولون والقيادات العسكرية بتنمية مصادر دخلهم على حساب الخدمات الأساسية من خلال جبايات مهولة يتم فرضها على الغاز والنفط والجوازات وبطاقات الهوية وصولًا إلى تهريب السجائر.

في مصفوفة احتياجات المشاريع الطارئة التي أعدها مكتب التخطيط والتعاون الدولي للأعوام 2024م – 2026م، قدمت للمانحين لتنفيذ مشاريع بمبلغ 82 مليون دولار، خصصت منها 34 مليون دولار لبرامج توعية ورعاية النازحين، وأعطت للتوعية عبر رسائل SMS مبلغ يتجاوز 2 مليار ريال.

خلال العام الجاري، نفذت منظمات دولية العديد من المشاريع على صعيد الصرف الصحي ومشاريع المياه وترقيع الشوارع. أكد أحد التقييمات التي حصلت عليها “النداء” تأخر نسبة الإنجاز، إذ إن بعض المشاريع تعثر إنجازها بعد تنفيذ ما نسبته 30% نتيجة العشوائية وعدم خضوعها للرقابة وتقييم الأثر البيئي خلال التنفيذ. والمؤكد أن مشروع إنارة قلعة القاهرة لم يكن بين مصفوفة المشاريع الطارئة، وإنما فرضته ضرورات الحرب ومواجهة ضوء الحوثي الأخضر القادم من الحوبان.

كارثة وادي المحبة أسفل القلعة

يضطر المواطن غازي أمين مهيوب لنقل والده على ظهره مرتين كل أسبوع لإجراء غسيل كلوي. ينقل الأهالي مرضاهم على المحفات في وادي المحبة الواقع على الجهة الغربية من قلعة القاهرة بسبب تعثر مشروع الطريق منذ سنوات. لا يصل الضوء الأخضر الحوثي إلى الوادي ولا مسؤولي شرعية العليمي.

يعاني سكان الوادي أسفل القلعة من كارثة بيئية نتيجة غياب الصرف الصحي، إذ تحولت سائلة الوادي إلى مستنقع للقمامة ومياه الصرف الصحي وبيئة خصبة لتكاثر البعوض. تسجل مستشفى المظفر يوميًا أكثر من 100 إصابة بالحميات والكوليرا. يسكن الحاج عبد الله الوليدي في الوادي منذ 20 عامًا، بات مسكنه وعشرات المساكن المجاورة أسفل الوادي في وسط مستنقع مجاري الصرف الصحي القادمة من المباني العشوائية التي بنيت مؤخرًا وصولًا إلى محيط سور القلعة.

مطلع العام الجاري، اضطر الصندوق الاجتماعي للتنمية لسحب مشروع للصرف الصحي في الوادي بعد قيام أحد النافذين بالبسط على مدخل الشارع المؤدي إلى الوادي وعدم تجاوب السلطات المحلية لإزالة الاعتداء.

تزايد حالات الإصابة بالحميات وإطلاق مناشدات للسلطات المحلية دفعت أول مسؤول حكومي للوصول إلى الوادي لمعرفة معاناة ساكنيه.

يقول الأهالي لـ”النداء” إن مدير عام مديرية المظفر وصل إلى الوادي قبل أيام، لكنه لم يمض سوى دقائق محدودة بسبب روائح مستنقعات الصرف الصحي.

لم يكن مشروع الصرف الصحي أو مشروع طريق “وادي المحبة” بين المشاريع الطارئة التي أعدها مكتب التخطيط والتعاون الدولي، لكن المكتب توجه مؤخرًا بمذكرة إلى محافظ المحافظة يطلب تنفيذ المشاريع في الوادي على حساب السلطة المحلية في مديرية المظفر.

المطر يكشف فساد الترقيع

أمس الأول، هطلت أمطار غزيرة على المدينة كشفت اختلالات كبيرة في تنفيذ مشاريع تأهيل الشوارع في المدينة، والتي نفذ بعضها بتمويل منظمات دولية. من منطقة الحوض شرقًا إلى خط الضباب، تسببت الأمطار والسيول بجرف طبقات الأسفلت التي تم تنفيذها بصورة عشوائية وأظهرت حفرًا عميقة وفسادًا واضحًا توافقت عليه جميع الأحزاب.

اعتبارات خاصة..!

قبل أشهر، تم تنفيذ مشروع للصرف الصحي أمام بوابة إحدى الجامعات الخاصة في مديرية المظفر. لم يكن المشروع مدرجًا أيضًا بين مصفوفة احتياجات المشاريع الطارئة، وبعد تنفيذه عجزت السلطة المحلية عن إعادة رصف الأحجار إلى ما كانت عليه قبل تنفيذ المشروع.

قبل أشهر، كان أهالي وادي المحبة يستخدمون كشافات هواتفهم ليلاً لتجاوز مستنقعات القمامة والصرف الصحي، لكنهم استبشروا خيرًا بلمبات قلعة القاهرة مؤخرًا، إذ ساعدتهم في تخطي حفر ومستنقعات سلطة الفساد.

Left Menu Icon
الرئيسية