تم النشر بتاريخ 14 أكتوبر, 2024
باسم فضل الشعبي
هل يعي الشباب المتحمس الذي يخرج إلى الشارع اليوم في عدن والمدن المحررة احتفالا بذكرى الثورة الاكتوبرية،ما الذي يجري في البلاد؟ هل تعي النخب السياسية الحاكمة وغيرها، ما هو الواقع القائم اليوم؟ هل تعي انها لا تحتفل اليوم بالثورة، وانما بالثورة المضادة التي انقلبت على الثورة الوطنية الحقيقية؟ هل تدرك ذلك، ام انها تعمل و تستمر في تخدير الناس وخداعهم؟ أو أن حال الجميع قد أصبح اليوم كما قال فنان اليمن الكبير ايوب طارش عبسي ” سكران لست ادري من نشوتي وسكري”.
التحرر شي جميل ومهم، ليس فقط تحرير الاوطان من الاستعمار وأدواته القديمة والجديدة، وانما تحرير النفوس والعقول ايضا من عبادة الأوثان والاصنام الجديدة التي ظلت الطريق، واظلت الناس معها، فكان هذا الواقع المشوة والمسخ، الذي لا يشبه الثورة مطلقا، ثم يتباهى بالانقلاب على أهدافها الوطنية، بل وياعادة انتاج الواقع الذي قامت عليه قبل ستة عقود، في صورة بشعة ومخيفة جدا.
في صنعاء الأمر مختلف، جماعة الحوثي الأمامية الانقلابية تمنع منذ سنوات الشباب اليمني من الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، وتزج بهم في السجون في مناطق مختلفة من شمال البلاد، لذا فإن الأمر أصبح واضح ومعلن، هناك واقع جديد اوجدته جماعة الحوثي ينتمي لمشروعها الامامي والسلالي القديم المتجدد، وبالتالي هذا المشروع أصبح انقلابه واضح ومعلن على ثورة سبتمبر وأهدافها ومشروعها الجمهوري، وأصبح هناك الآن صراع بين مشروعين في الشمال، وهو صراع قديم متجدد.
الوضع في الجنوب مختلف، فالواقع المعاش اليوم في الجنوب يوكد أن أهداف ومشروع ثورة أكتوبر تم الانقلاب عليهما، وان سياسة السلطات الحاكمة في عدن مجتمعة، تتقاطع تماما مع أهداف اكتوبر ومشروعها الوطني بما تحمله من مضامين إنسانية وتحررية ووطنية، لكن المفارقة أن هذه السلطات ما تزال مصرة على الاحتفال بالثورة دون أن تمتلك الشجاعة للاعتراف بأنها اساسا قد انقلب عليها، وتعمل بكل وضوح بعلم أو بدونه منذ سنوات على إعادة إنتاج مشاريع الاستعمار في مختلف صورها ومساراتها.
أتفهم احتفالات الناس العاديين بالثورة والتحرر والحرية واستمرار التمسك بهما واويدهم على ذلك، لكن كيف يمكن أن نفهم احتفالات النخب والسلطات المختلفة بهذا اليوم الأغر، وهي التي صادرت حرية الناس وخبزهم وقوتهم اليومي وامنهم، كما تخلت عن سيادة الوطن واستقلاله وحريته وثرواته الوطنية ؟
أمامكم خيارين، اما ان تمتلكوا الشجاعة مثل جماعة الحوثي وتعترفوا انكم انقلابيون، ويكون اللعب معكم على المكشوف، واما أن تعودون إلى رشدكم وتخرجون من حالة الالتباس التي اوقعتم أنفسكم والثورة فيها، وبالتالي تعلنوا الاعتذار للشعب والتوبة على ما اقترفتموه بحقه وبحق البلد ، وتبداون بتصحيح الامور بصدق، والعودة إلى مسار الثورة الصحيح، وحظن الوطن العظيم، لان الناس ليسوا اغبياء لهذه الدرجة حتى يتملككم الوهم في استمرار خداعهم كل الوقت.
المجد والخلود والعزة والكرامة لابطال اكتوبر المجيد امواتا وأحياء…والحرية للوطن الكبير…
صحيفة النداء
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع