فَم الغمامة

تم النشر بتاريخ 7 سبتمبر, 2024

عبّود علي الشعبي

▪️احتارت هيئة الأُمم، وتوارت خارطة الطريق، وصار حال القوم في البلد كالذي يمضي الى نَفَق، أو خُرْم إبرة.
حتى النحلة التي تهيمُ في الورود لا تظلُّ طريقها، وهي حشرة ضئيلة، بينما جيءَ بنا الى قومٍ تولّوا أمرنا يتيهون بنا في دهاليز الحياة، ولا يهتدون سبيلا، أو على قول الناظم: “أضاعوني وأي فتىً أضاعوا”..
عشر سنوات ولا خلصوا بنا لطريق، وما حملونا الى قارب نجاة، وقعوا في ورطة البند السابع فسُلِبَ منهم القرار، فلا خُطوة إلّا أن يُشار اليهم، وكأن العالم يعدُّ لهم “معصوبة” مُرّة المذاق، كلما قرّبها اليهم أوجسوا منها خيفة، فمكثوا بلا حَلْ، وقيل انظروا الى فَمِ الغمامة، إنْ تجُدْ لكم، وإلّا “دونكم خَرْط القتاد”!
لكن مَنْ جاء بالمصيبة أولاً؟!
نحن نبرّئ ساحة الجنوب من صناعة الأزمة، لقد أطلّت الفِتنة برأسها من صنعاء، وحين اشتدت بالقوم قفزوا الى عدن.
يشهد المواطن أنّ “صَيَاد، وأم الصُبيان، وأُم الصُّروم، وجِدّة العفاريت كلهن” أقبلنَ من الشمال، بينما البقعة التي زعم أصحاب الهضبة أنها “شيوعية” وأهلها سكارى، ظلت نظيفة، نقية، طاردة للشرور، عصيّة على الجِنّ، لديها مناعة من تلبيس ابليس، بدليل أن الجميع لجأوا اليها، ولاذوا بجنابها، واطمأنوا لرحابها.
يقول المراقب لحال البلد.. إنّ عدن صارت مركز أهل السُّنّة، جاءوا اليها من السهل والجبل، وقد قيل عن المدينة التي سمّاها بعض رموز الشمال ورؤساء القبائل”شيوعية”، أنّ لها تاريخ عريق مع السُّنّة النبوية، فقد سافر اليها قديماً أحمد إبن حنبل إمام أهل السُّنّة والجماعة رحمة الله عليه.
عشر سنوات والبلد منفصل إقتصاديا وسياسياً، بينما يستشيطون غضباً إذا تنادى أبناء الجنوب من أجل إستعادة دولتهم، وهو ما سيحدث لامحالة، وقد صرّحت مؤسسات دولية كبرى أن البلد يمضي نحو هذا الحل، وليس آخرها مؤسسة “فريدريش إيبرت” الألمانية التي قالت بالحرف الواحد..”لا ينبغي أن نتفاجأ بحل الدولتين في اليمن”.
كانت الأبواب مفتّحة، فطال أمد التفاوض، وراوغ الساسة، وأقْدَمت هيئة الأُمم وأحْجمَت، حتى أُغِلقت الأبواب، فليس غير شَقٍ “يتخاوص” منه المتصارعون في إنتظار مخرج، أو هَطْلٌ من فم الغمامة.
لكن ما ذنب الشعب الجائع؟!
وأين النَفع من حديث هيئة الأمم الصاخب عن الجانب الإنساني، وقد حَلّ بالديار في البلد شمالهِ وجنوبه داء الإفقار، كل هذه التداعيات تثبت أن خيار حَل الدولتين هو الخيار الأمثل، إنْ كان في عُرْف هيئة الأُمم بقية عَدْل، فلقد دفع الجنوب ثمناً باهضاً من أمنهِ وإقتصاده وحياة مواطنيه، وليس غير ذلك عدا شوك السعدان
، وإلّا النَفَق المظلم.
جُدْ يا فمِ الغمامة، فقد هَرِمَ الناس، في انتظار الفتح من الفتّاح.. ولعلّ في النفوس بقية أمل، وسيأتي الحق لا محالة:
إذا ليلةٌ أهرمتْ يومَها
أتى بعد ذلكَ يومٌ فتي.

Left Menu Icon
الرئيسية