تم النشر بتاريخ 7 أغسطس, 2024
عادل الشجاع
قرأت رسالة موجهة لمعالي وزير الخارجية تحت اسم البعثات الدبلوماسية تطالبه بالتراجع عن القرار الذي اتخذه في إصلاح وزارة الخارجية وتفعيل القانون الدبلوماسي، تقول الرسالة “ماذا يمكن أن يلحق بالدبلوماسيين وأفراد أسرهم جراء ذلك القرار الارتجالي غير المدروس ومدى تأثير ذلك على سمعة الدبلوماسية والدولة اليمنية “ ، واعتبرت قرار الاستدعاء يمثل كارثة وطنية،بل اعتبرته قرارا يمكن أن يؤدي إلى توقف حياة اليمنيين إذا تم ، لم يتساءل هؤلاء عن الآلية التي تم فيها اختيارهم سفراء في الخارج، وعن أهمية وجودهم في تلك السفارات وعن الدبلوماسية التي قاموا بها لصالح اليمن ، وهل أكسبوا القضية اليمنية شيئا ، فقد فعلت أربع من نسوة من جماعة الحوثي المصنفة إرهابية ، مالم تفعله كل البعثات الدبلوماسية ؟
من المعيب أن يستمر بعض السفراء في مناصبهم لعقود، ويرفضون ترك مواقعهم ، لأنهم يعتبرون السفارة مملكة خاصة لا يمكن التخلي عنها لأنها موقع يحقق مصالح خاصة ، والحديث عن ضياع أسرهم ليس من فراغ ، بل لأن الغالبية منهم تم تعينهم هم وأسرهم ، الأب والابن أو الزوج والزوجة أو أخو الزوجة أو زوج البنت وزوج الخالة والعمة ، فقد كشفت التعيينات التي تمت، أنها تعينات عائلية ولأبناء القيادات والوزراء ، الأمر الذي يثير الكثير من السخط والغضب بين فئات الشعب اليمني، باختلاف أطيافه السياسية والاجتماعية.
ملف السفارات يكشف عن مدى استمرار الشرعية في حالة الغرق بالفساد الذي وصل إلى كل المستويات السياسية والمالية والديبلوماسية ، خاصة وأن تعيينات السفراء والديبلوماسيين تم بعيداً عن أي رقابة أو مساءلة، وغالباً كانت تجري وفق سياسة المحسوبيات التي تخدم مصالح فردية وحزبية، والمقربين من السلطة ،والحالة التي اتّبعها الوزراء السابقون غير مسبوقة في تعيين السفراء بناء على الانتماء السياسي أو القرابة مخالفة للقانون الأساسي اليمني وقانون السلك الدبلوماسي الذي يشترط لتعيين السفير أن يكون صاحب تجربة سياسية، وتدرج وظيفي، وإجادته لغة الدولة التي سيذهب إليها، ومعلومات كافية حولها والسياسة التي تتبعها ، والمفروض أن إصلاحات وزير الخارجية تجمل وجه الشرعية وتعيد لها بعض المصداقية،لذلك عليها أن تدعم توجهات الوزير ولا تقف في وجهه حتى لا تسقط في لوثة الفساد مرة أخرى .
لقد سمعنا الكثير من اليمنيين الذين يطرقون أبواب السفارات اليمنية من الرعايا والأفراد الباحثين عن قضايا تخصهم، أنهم في كثير من السفارات يُصدون ويواجهون بأناس جهلة ذوي ضحالة في العلم والأخلاق، وعديمي ثقافة ولا يمتون لتمثيل اليمن بصلة، بل إن بعضهم ساهموا في ترحيل كثير من المواطنين اليمنيين في بعض البلدان حتى أصبح انطباع اليمنيين المقيمين في الخارج أسوأ ما يكون عن السفارات، حيث يصطدم اليمني بأن سفارته ليست عاجزة فقط عن المساعدة، بل أن كثير من السفارات اليمنية حول العالم تضم بين موظفيها من يشتغل مخبر وينقل معلومات كاذبة ضدّ أبناء وطنه .
لم تشهد اليمن على مدار تاريخها الدبلوماسي الطويل حالة كارثية تسببت بالإساءة إلى الشعب اليمني، كما فعلت بعض السفارات والممثليات اليمنية منذ 2015 في عهد وزراء الخارجية السابقين الذين تربعوا على عرش فساد السلك الدبلوماسي، وأشرفوا على وضع المنافقين ، والوصوليين، والذين لا يملكون أي تاريخ دبلوماسي أو سياسي، في مناصب سفراء وممثلين لليمن .
وحتى أكون منصفاً، وبالرغم من أن سمعة السفارات اليمنية سيئة بصوة عامة، إلا أن هناك سفراء شرفاء ومناضلين وأصحاب خبرة سياسية ودبلوماسية، وتاريخ دبلوماسي مشرف، يعملون دون ضجيج لخدمة المصالح اليمنية ، ولهم حضور فاعل في ساحات عملهم، نفتخر بهم ويستحقون الاحترام بجدارة ولاشك أن هؤلاء يؤيدون قرار الوزير وفي تطبيق القانون الدبلوماسي وهم يقدرون أن هناك من زملائهم من ينتظر أخذ حقه في الابتعاث منذ 2015 .
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع