تم النشر بتاريخ 9 مارس, 2024
بقلم : عبدالخالق الراسني
في مستهل شهر أبريل عام ٢٠١٥م وحتى منتصف مايو ولمدة شهر ونصف، حاصر الحوثيون مديرية التواهي التي احتلت بعد المعلا بعد مقاومة شرسة على أبوابها، وعرف الناس آنذاك معنى كلمة الحصار وإقفال الطرقات، وعندما سقطت المديرية وظلت المديريات الأربع وهي البريقة والشيخ والدار والمنصورة، تقاوم وخارج نطاق سلطته اتخذ الحوثيون قرار الحصار الشامل لتلك المديريات لاخضاعها دون جدوى.
وبعد مقاومة شعبية اتخذت مظاهر متعددة منها المقاومة المسلحة والنزوح من المدن المحتلة بشكل جماعي من تلك المديريات، اظهر الحوثيون جانبهم الخبيث تجاه كافة الرافضين في المديريات غير المحتلة، وفرضوا حصارا محكما على تلك المدن المكتظة بالسكان، وإضافة للقصف والهجومات المتكررة منع الحوثيون دخول الغذاء والدواء والخضروات والفواكه.
كان عناصر الحوثي ومشرفوه في مدخل عدن يتعمدون إظهار الفرق وعمل خط فاصل بين المواطنين الذين نزحوا للمديريات الحرة، والذين أطلقوا عليهم الدواعش والذين ظلوا تحت سيطرتهم ولم يستطيعوا مفارقة منازلهم لظروف مختلفة، وهم قلة لا تتجاوز أعدادهم العشرات من الأسر في كل مديرية.
لقد رفض أولئك المغادره لقلة الإمكانيات والخوف من النزوح وتبعاته الاقتصادية والنفسية، وكان لسان حال الحوثيون يقول للقادمين من وإلى المديريات المحررة إن أردتم الغذاء والدواء والقات ومستلزمات الحياه فعليكم القبول بحكمنا.
كان عناصر التفتيش الحوثيون يتوسلون النازحين عقب السيطرة على التواهي والمعلا وعدن والخور البقاء حتى يكونوا دروعاً بشرية أمام طيران التحالف، وحتى يجدوا من يحكمونه بعد أن فرغت المديريات الأربع، وكان الطيران يتحرك بكل أريحية ويحصد عناصر الحوثي بكل أناة وصبر وصدفة، ولو دخلوا نفق القلوعة وجولد مور حيث أباد منهم العشرات.
*عندما أيقن الحوثيون أنهم تركوا في تلك المدن دون حاضنة شعبية وانقطعت الكهرباء والمياه، أطلقوا في غمرة اليأس والقنوط صاروخا على رصيف التواهي فكانت مجزرة مروعة بين النازحين الهاربين من حكمهم والرافضين لوجودهم، خلفت أكثر من سبعين شهيداً و٣٠ جريحاً، وأطلقوا صواريخ على المدن فقتلوا خمسة وعشرين في دارسعد في مجزرة مشابهة وعشرين شهيداً في المنصورة انتقاماً من وجود تلك المدن وسكانها خارج سيطرتهم، وأعلنوا حصاراً هو الأول من نوعه يشبه حد التطابق حصار تعز الآن.
نصب الغزاة الأجلاف في منطقة الفيوش بين عدن ولحج نقطة تفتيش ظلت علامة فارقة في تاريخ الوجود الحوثي البغيض، وامتلأت صدور الناس بالنقمة من أسلوب التفتيش والفصل بين المدن، فحيث لا يحكمون فسطاط كفر ودواعش، وأظهرت تلك النقطة العسكرية خبث وبشاعة هؤلاء القادمين من كهوف صعدة لحكم الناس بالقوة، غير مبالين بآثار الكراهية والغضب المتطاير كالشرر من أعين القادمين للمدينة، وهم يسألون من غرباء مسلحين إلى أين وتنزل حاجياتهم وتفتش بمهانة؟
فرضوا طريقاً واحداً يمتد إلى ساحل أبين والمديريات المحتلة، وهناك كل شيء متوفر ومجاني حتى القات يتم مصادرته بالقوة والتوجه به للمديريات المحتلة، وكانت المواد الغذائية توزع بالمجان في المناطق المحتلة من مخازن هائل والرويشان المقتحمة ومخازن المؤسسة الاقتصادية، وفي المناطق المحررة لا تجد نصف كيلو من الطحين، ولم يعرف الناس أقراص الروتي إلا وفق طوابير وتقنين حادفرضه الحصار.
منع الحوثيون الدخول إلى طريق الشيخ عثمان والمديريات المحررة، وحاصروا طرقاً تؤدي إلى البريقة وإنماء وبير فضل والمنصورة، ومن يحاول المرور بطرق فرعية رغبة في بيع الخضروات والقات وبعض طلبيات الأدوية مصيره القتل الفوري المباشر.
نتيجة لذلك دفع مغامرون حياتهم في جعولة والبساتين والرباط ثمناً لرفض وكسر أول عقاب جماعي فرض من المحتلين الحوثيين، وظل الحال كذلك حتى يوم الـ 26 من رمضان حين أغارت طائرات التحالف العربي على تلك النقطة العسكرية وقتلت عناصر المليشيا الذين أذاقوا الناس ويلات الجوع والخوف، قبل أن تتحرر المدينة بعد أسبوع من تلك الغارة عقب عيد الفطر المبارك.
واليوم يكرر الحوثيون البغاة نفس السيناريو في تعز وغيرها من المدن والناس والمجتمع الدولي يخطبون وده لفتح الطرقات، غير مدركين أنه لن يفتح أي طريق بدون القوة أو الحرب، لأنه يعتبر الخط الفاصل بين الخاضع والمقاوم وحصار المدن وتطييف الشعب مصدر هيبته وقوته، وفي تلك المدن المحاصرة يوجد مواطنون رافضون لحكمه وساخطون عليهم أن يعاقبوا ويحاصروا، وقبل أيام قالها علناً أحد قياداتهم عندما اقترح على محافظ مأرب تسليم باقي مأرب وستفتح الطرقات خلال ٢٤ ساعة.
هامش:
١- فتح الطرقات مرادف ومساوي ونتيجة وحاصل ضرب وحل معادلة محسومة النتائج، لن يفتح الحوثي طريقاً بدون أن تقتله، لن يسالمك أو يشاركك الحياة بدون أن تقتله، لو اجتمع العالم كله لإقناع الحوثي لن يستطيع، لن يفلح معه غير لغة واحدة اقتله أو عش عبداً طول حياتك، لا مجال للمناورات والضغوط والمساومات.
٢- نسخة مع التحية لكافة الإخوة العرب والفلسطينيين الذين لا يعرفون قطاع الطرق ومافيا اليمن، عصابة الإجرام الحوثية وممارساتهم في اليمن منذ تسع سنوات.
مركز مسارات للإستراتيجيا و الإعلام موقع اخباري متنوع