تجربة مدارس البدو الرحل في الجنوب العربي(قراءة تاريخية)

تم النشر بتاريخ 30 يناير, 2023

مدارس ابناء البدو الراحل في اليمن الجنوبي الديمقراطي لم تكن اول تجربة تشهدها المنطقة، بل اول ماانشئت في حضرموت ابان السلطنة، وكانت تتبع قوات جيش البادية الحضرمي والمستشارية البريطانية، وكان منهجها التعليمي عربي اسلامي مثله مثل المدارس الحكومية الاخرى، يضاف له بعض من التعليم لمبادئ العسكرية، وكانت مدرسة البادية مثالا للانضباط التربوي والتعليمي للذكور والاناث،وظلت مستمرة حتى 67م، واستلهمت هذه التجربة بعد الاستقلال من قبل الرئيس سالم ربيع علي ( سالمين)، وهو الذي كان كثير التردد الى حضرموت قبل الاستقلال، حيث درس او تدرب بمدرسة الوحدات في السلطنة القعيطية المكلا التي يبعث اليها العديد من الكوادر من مختلف سلطنات ومشيخات الجنوب العربي، باعتبارها بقياس اليوم مدرسة ( تنمية بشرية وتاهيلية للكوادر في المنطقة).

سالمين راى بعد ذلك ان مدارس البادية ضرورة لتعليم ابناء البدو الرحل في كل المحافظات، واستقرارهم من حيث توفير السكنات الداخليه لهم التي تتبع المدارس، وكانت بعض الدول التي تشابه نظام اليمن الجنوبي السياسي كمنغوليا انشئت هي الاخرى مدارس للرحل الرعاه، لكن تجربة اليمن الديمقراطية في هذا الاتجاه ارساها سالمين مستلهما التجربه من ايام مدارس الباديه الحضرمية.

عموما بدات مدارس البدو الرحل في اليمن الديمقراطي مبكرا بداية السبعينيات في حضرموت مدرسة الشرارة بالريان المكلا ومدرسة الطليعه لابناء البدو الرحل مديرية القطن ( حاليا الموقع الجغرافي يتبع مديرية اخرى) كما انه بشبام حضرموت وفرت الدولة مسكنا لابناء البدو الرحل وهم من غرب الوادي والمرتفعات الغربيه ومن ارض الصيعر لتمكينهم من الالتحاق بالتعليم بالمدرسة الابتدائية بشبام القديمة، حاليا مدرسة عبدالله بن سميط بل ان معظمهم واصل ايضا المرحلة الاعدادية خلال فترة السبعينيات كاملة.

اما المحافظات الاخرى فان اول مدرسة للباديه لابناء البدو الرحل
اقيمت في العند بلحج مدرسة النجمة الحمراء ويذكر ا/ علي حسن علي عبدالرب في مقال له نشر في مجلة فنار عدن الشهر الجاري ان مدارس البدو الرحل في لحج بداية كانت في العند ثم انتقلت الى صبر فمدرسة سالمين في هويرب بالمضاربة وراس العارة في الصبيحة ومدرسة الشهيد قميح في كرش،والبروليتاريا على الخط الشرقي المؤدي الى عدن لتصبح بعدئذ مقرا ومعسكرا للواء الخامس بجيش اليمن الديمقراطي، ومدرسة النجمة الحمراء في لحج والتي اسس بها اول فرقة طلائع، وبدات في تلك المحافظة مدارس البدو الرحل في 1972م ابان القوات الشعبية، وهي قوات مسلحة تتبع الدولة والتنظيم السياسي ( اي انها قوات قبل ان تظهر قوات المليشيا الشعبية التي نقلت تجربتها من كوبا 1973م).

كما سبق هذه المدارس انشاء مدرسة بسقطرى، وقد شاهدتها شخصيا اثناء زيارتي الى سقطرى عام 2000م في فبراير وتحمل اسم مدرسة سالمين وكتبت عنها في استطلاع نشرته بالايام كاول مدرسة نظامية حكومية يؤسسها الرئيس سالمين.

مدارس ابناء البدو الرحل كانت تدار بداية من الرئاسه، ثم كلفت بها وزارة الدفاع اليمنية الديمقراطية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم مع توفير السكن الداخلي والغذاءآت، واصناف الالعاب الرياضية، اما في لحج فكانت تشرف عليها القوات الشعبية فوزارة الدفاع ووزارة التعليم وظلت لفترة السبعينيات الى ان انشئت مدارس وصفوف في مختلف المناطق النائية، والخريجون من هذه المدارس واصلوا تعليمهم العام والعالي واضحوا غالبيتهم اساتذة واطباء, طيارين, ضباط في الجيش والامن, ولايتاففون من ذكر بدايات دراستهم في المدارس الخاصة التي انشئت لهم، بل كانوا من رجالات المجتمع، ومنهم من مثل اليمن الديمقراطي كسفير في بلدان اخرى ولعل ممثل الامم المتحده آنذاك في اليمن الديمقراطية السيد دلال قد ابدى اعجابه بهذه التجربة، التي قال عنها ان عدن تهتم بالتعليم وتوسعه راسيا وافقيا لكل الناس في المدن والحضر والبادية،وكما تخرج من هذه المدارس اقطاب المجتمع فان التجربة الاولى بحضرموت ابان جيش البادية وعنايته بهده المدارس التي انتجت مخرجاتها عددا من قادة جيش البادية واوائل قادة القوات المسلحة ايضا باليمن الديمقراطي، فضلا عن الكثير من الاطباء والممرضين والممرضات الذين تخرجو ا من مدرسة البادية بحضرموت وخدموا حضرموت ابان السلطنة ومابعدها اي بعد 1967م، ووصل الكثير منهم الى مرتبة النابغة في مختلف العلوم والمناصب العليا في الدولة والمجتمع.

علوي بن سميط

رئيس دائرة الاعلام والعلامات العامة بنقابة الصحفيين والاعلاميين الجنوبيين

Left Menu Icon
الرئيسية